الأحد، مايو ٠٦، ٢٠٠٧

نحن والمجتمع

يقول الاستاذ البنا " يا قومنا وكل الناس قومنا أنتم احب الينا من أنفسنا "

تعلمت داخل هذه الدعوة المباركة أننا جماعه من المسلمين ندبوا أنفسهم ليكونوا خدما لامتهم فكل امة تحتاج إلى طليعة تدعوهم الى الخير وتدفع عنهم كل شر وتوقظ نائمهم وتسهر على راحتهم وتواسى منكوبهم وتعين ضعيفهم وتهدى حائرهم وبهذا يكونوا خدما لهذه الامه فكان
لزاما عليهم ان يعدوا أنفسهم لتحمل أعباء كثيرة ربما لا يتحملها غيرهم كما أن قلوبهم يجب أن تكون كبيرة تتسع لحب كل أفراد أمتهم صالحهم وطالحهم قريبهم وبعيدهم مذنبهم وتقيهم .

- فيستحيل على من ندب نفسه خادما لهذه الامه أن يعتزل مجتمعها فيعيش فى صومعة لا يهتم بأمرهم ولا يعيش آمالهم وآلامهم. فقد نادت جماعات بالعزلة عن امتهم زاعمين أن ذلك صيانة لعقيدتهم وحفاظا على ايمانهم تاركين حائرهم دون هداية وظالمهم دون نصيحة لا يشاركون الأمة آمالهم ولا آلامهم
- ويستحيل على من ندب نفسه لخدمة الامه ان تمتد يده بالانتقام من أفرادها حتى ولو آذوه أو ظلموه " أدفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوه كانه ولى حميم ".فقد قام يوسف بتفسير رؤيا الملك وقدم لهم خبرته الاقتصاديه لمواجهه السنين العجاف التى سوف تمر بهم رغم وجوده فى السجن ظلم! كما روى لنا استذنا الفاضل/عاكف ونحن بالسجن عام 1995 أن الاخوان المسلمون المحبوسين فى سجون عبد الناصر عام 1967 لما علموا بقيام حرب 5 يونيو تقدم العسكريون منهم بطلب الانضمام لصفوف جيشنا كل فى سلاح تخصصه لخوض الحرب ثم العوده الى السجن فى حال بقائهم على قيد ا لحياه فلم يضنوا على وطنهم أو امتهم بحياتهم رغم حبسهم وتعذيبهم ظلما .

فكم من جماعات قامت تدعى أنها تعمل لرفعه الاسلام ثم غالت فى بغضها لأهل المعاصى من هذه الامه وزاد بغضها على الظالمين
حتى أصبح عداءهم لأهل المعاصى والظلم من امتهم أضعاف عدائهم للكافرين فبادروا بتكفيرهم وعملوا على حربهم فغرقت الأمة فى حروب ودماء وعداوات فتفرقت الصفوف وتنافرت القلوب وازدادت الفرقه وحل الخلاف والشقاق بدلا من الوئام والوفاق .

- ويستحيل على من ندب نفسه لخدمه امته ان يتكبر عليها فلا يرى لنفسه فضلا عليهم ولا سبقا لهم فقد يكون فى هذه الأمة من هو أفضل منه ومن هو أقرب منه إلى الله
قال الامام الشهيد (( كم منا وليس فينا وكم فينا وليس منا))
- ويستحيل على من ندب نفسه خادما لهذه الامه يشمت فى الأمه وقت مصائبها فلقد رأوا فى كل مصيبة تنزل بهذه الامه أنها انتقام بسبب ذنوب المذنبين ومعصية العاصين ليس من منطلق النصح لهم والارشاد و تصحيح أخطاءهم بل من منطلق الشماته فيهم.
قال رسول الله (ص) " من قال هلك الناس فهو أهلكهم " ولم يمتثلوا قوله " مثل المومنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى "
وتناست ان الامام على كرم الله وجهه لما سئل عن الخوارج أكفار هم فكانت اجابته الواضحة الحكيمة التى لا لبس فيها والتى هى عنوان العلاقة بين كل مسلم واخيه " إخواننا بغو علينا "

جهادنا فى قومنا (( سنجاهد فى قومنا بالحب ))

لقد تعلمت ان الجهاد ثلاثة أنواع ، أحدهما جهاد النفس والشيطان وثانيها جهاد القوم والاهل والاحباب وثالثهما جهاد العدو ، ولكل نوع أسبابه ومنطلقاته وله وسائله وادواته وما يعينينا فى مقالنا هذا هو النوع الثانى جهاد القوم والاهل والاحباب حيث انه مجال كثر فيه الخطا واللبس
بل وخلط كثير من الناس بينه وبين جهاد العدو فربما استخدموا الوسائل المفروضة لاحدهما دون وعى وادراك فى مجال الاخر فكان
من الاهمية بمكان ان نجلى هذا النوع من الجهاد ونوضحه حتى يتميز عن غيره من الانواع ،
فمنطلق جهاد القوم والاهل والاحباب هو منطلق الحب لهم والشفقة عليهم والرحمة بهم فهم اخواننا لقوله تعالى " إنما المؤمنون اخوة " وقوله ( صلى الله عليه وسلم) " مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " وليس هذا الحديث
قاصرا على الطائعين من امه النبى (صلى الله عليه وسلم) بل ينطبق ايضا على العصاه والظالمين من هذه الامه . فرغم انهم عصاه وظالمون الا ان ذلك لا يخرجهم من دائرة الامة الاسلامية,وأيضالايمنع عنهم العقوبه الدنيوية والاخروية على قدر معصيتهم وظلمهم .
فينطبق عليهم حديث رسول الله : " مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فكان بعضهم أعلاها وبعضهم اسفلها فكان الذين فى اسفلها إذا ارادوا ان يستقوا مروا على من فوقهم فقالوا لو انا خرقنا فى نصيبنا خرقا ولم نؤذى من فوقنا فان تركوهم وما ارادوا هلكوا وهلكوا جميعا وان اخذوا على ايديهم نجوا ونجوا جميعا " صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

وما الامر بالمعروف والنهى عن المنكر إلا مادة التواصل بين طائعى هذه الامه وعصاتها ولكن اناسا بل وجماعات من المسلمين ممن ادعوا انهم قاموا لنصرة الاسلام تعاملوا مع العصاه والظالمين تعاملهم مع الاعداء والكافرين من منطلق واحد بل ان بعضهم سعى إلى الصاق صفة
على بعض العصاه والظالمين حتى يتمكن من معاملتهم من هذا المنطلق مما اوجد العداوة والتنافر والاقتتال والحروب بين أعضاء هذه
الامه
فمجاهدة العصاه والظالمين من أعضاء امه محمد (صلى الله عليه وسلم) تختلف اختلافا كليا عن جهاد الكفارالمعتدين المحتلين.
فجهاد العصاه والظلمه تكون بوسائل تتسم بالشفقة والرحمة ، وسائل تتدرج وتتنوع بتدرج وتنوع المعاصى والظلم ،اضافة الى انها وسائل تتطور وتتسع مع تقدم العلم وتغيرالزمان و التى تبدأ من انكار القلب مرورا بالنصح والارشاد وفضح هذه الممارسات كتابة عبر وسائل الاعلام المقروءة
والكتب المطبوعة و المرئية والمسموعة والالكترونية والمؤتمرات واللقاءات والندوات والمسيرات الاحتجاجية والمظاهرات والاضرابات وعبر منظمات حقوق الانسان المحليه والعالميه والوسائل القانونية والقضائية والمشاركة فى كافة مجالات الحياة السياسية (الإتحادات
الطلابية والنقابات المهنية والعمالية والهيئات التشريعية ) والاجتماعية (المنظمات الأهلية) والاقتصادية والتغيير من خلالها
ومقاومة الظلم والجور بالوسائل القانونية والقضائية كما ان التحمل والثبات فى مواجهة ما قد يلحق بالداعية وجماعات الدعوة إلى الله من أذى وظلم الظالمين والاستمرارفى طريق الدعوه دون ضعف ولا وهن ولا استكانة هو من أعظم وسائل مقاومة الظلمه من حكامه هذه الامه ومسؤسساتها حيث أن هذا الثبات والاستمرار على الطريق يصيب هؤلاء بالاحباط وثبت فشل وسائلهم .
فنحن نقاوم هؤلاء الظلمه وأعوانهم بكل الوسائل السلمية الممكنة ومنها العصيان المدنى اذا استدعى الامر ذلك مع امتلاك أسباب
نجاحه لاكننا لانرفع فى وجه بعضنا سلاحا كما فعلت بعض الجماعات وكانت فسادت الفوضى وازهاق الارواح مما دفع الانظمة فى بلادنا الاسلامية الى مواجهتهم بنفس السلاح فغرقت الامة فى بحر من الدماء وراح ضحيتها الابرياء واشتعلت العداوة بين أعضاء جسد الامة الاسلامية فازدادت فرقتا على فرقتها وضعفا الى ضعفها
وهذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحذرنا من ذلك بقولة " لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب معكم رقاب بعض " . كما يعظنا بقولة " لا تحاسدوا ولا تناجاشو ولا تباغضوا وكونوا عباد الله اخوانا المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ولا يحقرة بحسب امرئ من الشر ان يحقر اخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضة ..... " الحديث

كما يقول محذرا " اذا التقى المسلمين بسيفهما فالقاتل والمقتول فى النار ، فقالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ، قال انه كان حريصا على قتل صاحبه" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
كما لانطلق الكفربغير علم ولا بينة ولعل من دوافع بعض الجماعات الى التكفير هو فهمهم الخاطئ بتصورهم أن من عليه أسم مسلم هو ملاك مطهر لايذنب ولايظلم او ان من يطلق عليه اسم مسلم لا توقع عليه عقوبات دنيويه او انه لن يعاقب فى الآخره وله الجنه
والحقيقه ان من يحمل لقب المسلم تقام عليه الحدود الشرعيه ويعاقب دنويا عن كل ما اقترفت يداه فى محاكمه عادله كما ان من يحمل لقب مسلم قد يعاقب فى الآخره فالمنافقون مثلا لا ينزع عنهم لقب الاسلام وهم فى الاخره خالدون فى الدرك الاسفل من النار لقوله تعالى:(ان المنافقين فى الدرك الاسفل من النار ) وكذلك المسلم العاصى والظالم (ان لم يغفر له الله) يدخل النار ويعذب فيها بقدر ما ارتكب من ظلم ومعاصى قال تعالى: (ومن يعمل مثقال ذرة خير يره زمن يعمل مثقال ذرة شرا يره)

وكما اخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشده عذاب النار بان اهون اهلها عذاب يوضع فى ضحضاح من نار يغلى منها دماغه وهو يظن انه اشد اهل النار عذاب وهو اهون اهل النار عذاب فلقب المسلم هو صفه يتمتع صاحبها بحقوق المسلم فى الدنيا وعليه واجباتها فحتى لو اخطئنا بالحاق هذا اللقب لمن لا يستحقه فان ذلك لن ينجيه من عقاب الله العليم الحكيم فى الاخره فعذاب الاخره اشد وابقلى الدنبا دار فناء والاخره دار بقاء وكما قال الامام مالك (رحمه الله):(لان ادخل مائه انسان الاسلام بغير حق خير من ان اخرج منه واحد بغير حق).

هناك تعليق واحد: