الثلاثاء، أبريل ٢٢، ٢٠٠٨

عبد الكريم عامر وازدراء الاديان

فى سجن برج العرب وخلال أعتقالى من21/1/2008 وحتى 8/4/2008 بسبب مظاهرات فك الحصار عن غزة . رأيت أناس كثيرون ومنهم عبد الكريم المحكوم عليه بثلاث سنوات بجريمة ازدراء الأديان وسب رئيس الجمهورية.
لم احاول محاورته لكنى لاحظت أن المهندس /محمد كمال (اخوان مسلمين) يجالسه كثيراً . استفسرت من أخى / محمد كمال عن هدف هذا الحوار و مجراه وأنا اعلم أن أخى /محمد كمال ذو فكر وثقافة وأن هدفه كان حاضرا حين أدار هذا الحوار فذكر لى م/محمد: أنه أعتقل فى هذا المكان مرة سابقة وهذه هى المرة الثانية وأجرى حوار مع عبد الكريم فى المرة الاولى و استمع الى قصته وأفكاره ومصادر هذه الافكار.
وبعد خروجه من السجن عكف على قراءة كل شئ عن عبد الكريم بما فيها مدونته والكتب التى يفضلها والكتاب الذين يعتز بهم وذكر اخى/ محمد: أنه فى هذه المرة الثانية سيكون حواره مع عبد الكريم من خلال منطلقاته ومصادره ومن الببيئة التى أحاطت به حيث أن عبد الكريم نشأ فى أسره عادية وفجأة تبنى والديه مذهبا سلفياً متشددا اضافة الى شخصيتهما المتشددة أصلاً وأجبرا اولادهماعلى التدين قصراً وهم فى سن صغيرة فأوجد ذلك عن عبد الكريم روح التمرد على هذا التدين القصرى ؛ بالإضافة الى ذلك أنه فوجئ بتعنيف شديد عندما كان يحاور قادة هذه المجموعة السلفية المتشددة _من أصدقاء والده_ فى الحكمة من بعض الأحكام الشرعية
حيث أنهم من مدرسة ترفض السؤال عن الحكمة من التشريع ويعتبرون ذلك نقصا فى الدين (مع ان الله لم يشرع شئ الى لحكمة علمنا بعضها وخفى عنا بعضها)
مما دفع بعبد الكريم الى رفض التدين بل الدين من الأساس ,وبدأ بالقراءة لبعض العلمانيين والملحدين والذين كانت أسرته تتطرف فى وصفهم باقذع الأوصاف وفقد ثقته فى دقة وصدق والديه فى حديثهما عن الآخرين .
وما أن فعل ذلك حتى حاصرته اسرته بالإذاء والاضطهاد وزادت الفجوة بانفصال والديه بالطلاق ولقد عومل بكل قسوة من كل المحيطين به فى جامعته (جامعة الأزهر) التى دخلها رغماً عن ارادته ثم من ضباط السجن مما كان يدفعه الى مزيد من التحدى والعناد .
وفى نفس الوقت كان العلمانيون والملحدون يفتحون له صدورهم ويغدقون عليه من مساعداتهم والوقوف بجانبه والدفاع عنه وامداده بالثقافة العلمانية لدرجة أنه يتلقى فى سجنه الآن أكثر من 200 خطابا اسبوعيا من الأفراد والهيئات الإلخادية فى مصر والعالم عربى بل والعالم الغربى .
تشعره هذه الخطابات بمكانته وقيمته وتدعمه نفسيا وفكريا
فكان أخى/ محمد كمال يرى أن هذه الظروف التى أحاطت بعبد الكريم قد دفعته الى هذا الموقف اللإلحادى , وأن تركنا له وتخلينا عنه فى والوقت الذى تتبناه الإتجاهات الالحادية ولعلمانية هو خطأ جسيم .
وأنه أحس الإيمان لايزال له أثر عميق فى نفس عبد الكريم رغم انكاره ذلك وأن هناك شيطان داخله يمنعه من العوده .
ويأمل أخى محمد أن يصل مع عبد الكريم من خلال الحوار والصداقة إلى أن يشهد الشهادتين وألا يسلمه لشياطين الانس الجن .
جزا الله أخى محمد كمال خيرا وكلل مسعاه بالنجاح ونرجو ان تأخذ الاسر والمجتمعات الدرس حتى لا تتكرر ظهرة (عبد الكريم نبيل) وازدراء الأديان . كما أدعوا الله أن يعجل بخروج المهندس / محمد كمال من سجنه ليروى عبر مدونة له تفاصيل الحوار وكذا البيئة والاسباب التى تؤدى ببعض السباب المسلم الى الوصول الى هذا الموقف المناوء لدينه

الخميس، أبريل ١٧، ٢٠٠٨

ملعب الوحوش والمحاكمات العسكرية

فى شهر أكتوبر عام 1995 وكنت ضمن مجموعة من الأخوان تبلغ 83 قياديا يحاكمون أمام المحكمة العسكرية فى أول قضيتين تحالان للمحاكم العسكرية فى عهد الرئيس مبارك . وقبل النطق بالحكم زارنا فى السجن بمكتب مأمور السجن عدد من هيئة الدفاع عنا برئاسة أ.د/ محمد سليم العوا الذى كنت أجلس بجواره وأثناء الحديث سألته على أنفراد ما هى عدد السنوات المتوقعة لكل منا من هذه المحاكم العسكرية .
قال فى حدود عشرة الى خمسة عشر عاما , قلت أليس هذا ظلم فاجر
قال يا دكتور ابراهيم فى البلاد التى يحكمها الاستبداد والدكتاتورية السياسه هى ملعب الوحوش التى يحكمها قانون الغاب
وأنتم ارتضيتم من أجل دينكم ووطنكم وشعبكم أن تنزلوا إلى ملعب الوحوش , ومن يتجرأ على هذا الملعب فعليه أن يكون مستعداً لغدر الوحوش أن تقطم رقبته أو ان تنهش لحمه وعظمه دون ذنب سوى أنها تخاف أن ينازعها السلطة الجاه والثورة التى سرقتها واختطفتها من هذه الشعوب المسكينة الجائعة المغلوب على أمره

الأربعاء، أبريل ١٦، ٢٠٠٨

التولى يوم الزحف

فى أثناء وجودى فى سجن برج العرب من 21 يناير الى 8 ابريل عام 2008 كنت يوميا أمشى صباحا أمام العنابر ورأيت أحد الزملاء يسير معى فاصطحبته فى مشيتى نتسامر.
أخى هذا (د/طارق) من أحد محافظات وسط الدلتا طلبت منه أن يحكى لى عن ظروف إعتقاله قال ان اهله فى بلدته اختاروه لخوض انتخابات المحليات أبريل عام 2008 لشهرته بين الناس ليكون منافسا للحزب الوطنى ولكنه أعتزر لانشغاله وحين ذهب وحكى لزوجته ما كان منها إلى ان قالت له أن رفضك هذا هو فى معنى( التولى يوم الزحف) .
كيف يطلبنا اخواننا لأداء هذا الواجب الوطنى الدينى ونعتزر عنه قال فأفقت على هذه الكلمات وأعلنت لإخوانى موافقتى , وأخذت أُ عد أوراق الترشيح وزوجتى تصر على مرافقتى فى الذهاب لكل مكان لاستخراج الاوراق حتى السفر الى القاهرة لعمل الصحيفة الجنائية رافقتنى فيه وحين سألتها هل مصاحبتك لى خوفا على من لتردد مرة اخرى قالت بل هو من باب }واجعلى وزيرا من اهلى هارون أخى أشدد به أزرى وأشركه فى أمرى { وحين حضرو للقبض على وأخذوا الاوراق ثارت فى وجه الضابط لماذا تأخذوا زوجى وتأخذوا أوراق ترشيحه نحن نمارس حقنا الطبيعى السنا مصريون
أم اننا محرومون من المواطنة فى بلدنا وهى بعد القبض عل تزورنى وتشد من أذرى فى كل مرة.

الأحد، مارس ٠٩، ٢٠٠٨

قلبى بعد شفائه

أراد الله أن يتزامن ألم قلبى العضوى مع ألم قلبى المعنوى على إخوانى فى غزه وما يعانونه من جريمة إعدام جماعية والعالم كله يتفرج عليهم من خلال وسائل الإعلام والموت يهاجمهم داخل حصار قاتل.
تحركنا فى الإسكندرية يوم الجمعة 18/1/2008 بمظاهراتفى ثلاثة عشر مكان من المدينة وفى يوم الأحد 20/1 توجهت لمقابلة الأستاذ المرشد/محمد مهدى عاكف لأقول له أن هذه الجريمه لن تواجه إلا بالقبض عليكم شخصيا بعد قيادتكم للمظاهرات وأن يصدر منكم نداء بأن ينطلق الشعب المصرى بكل فئاته بعد صلاه الجمعة من المساجد إلى سيناء لفتح الحدود وإنقاذ إخوانهم فى غزه
ووافق مشكورا وطلب منى أن أحضر يوم الإثنين 21/1 لطرح هذا الإقتراح على إجتماع دعى إليه رؤساء الأحزاب والشخصيات العامه على إختلاف أطيافها ووعدته بالحضور ولكن قبض علىّ فى ذات الليلة مع خمسة وعشرون أخا حبيبا من الإسكندرية وأودعنا السجن ولكن أثلج صدورنا أن تحركت مصر كلها يوم الأربعاء والجمعة بالمظاهرات والإحتجاجات لتنتهى بفتح المعبروفتح أبواب سجن كبير يضم مليون ونصف من أهل غزه الكرام وكانت الأمه الإسلامية كريمة وكان شعب مصر كريما وكان شعب غزه كريما مئات الألاف من الجوعى يدخلون أرض أشقائهم ويعودون دون سرقة أوتخريب.
وأراد الله لقلبى المعنوى أن يهدأ وعلى أثره خرجت من سجنى لإجراء عمليه بالقلب ليسترد هو أيضا عافيته وانا أتوجه بالشكر لله أولا ولكل من ساهم فى علاج قلبى وكل من دعى لى أواهتم بأمرى أو سهل علاجى أوزارنى أواتصل يسأل عنى أوكتب على مدزنتى وصالا معى فأنا مدين لكم حميعا بجميل صنيعكم معاهدا مولاى أن اظل واحدا من قافلتكم ندافع معا عن ديننا وأمتنا ووطننا بل عن كل مظلوم طاعة لربنا وقياما بواجبنا.
(إن لله عبادا إذا أرادوا أراد).


المعترف بأفضالكم
إبراهيم الزعفرانى

الجمعة، مارس ٠٧، ٢٠٠٨

ملخص الزيارة الثانية

تحدث فى هذه الزيارة عن احبائه جميعاً فقال : حين أجد الوقت الذى أخلو فيه بنفسى أجد صور احبائى أمام عينى رفقاء طريق صالحين قد تعلقت اعينهم بالله, يرتحلون اليه كل يوم و ساعة بانواع القربات ., رفقاء اسعد برفقتهم ويشرفنى ان اكون احد افراد موكبهم ( فهم القوم لا يشقى جليسهم ) , رايته جميل صنعه الله بى فيكم , حيث اختاركم لى واختارنى لكم صحبة فى الله , نمشى فى اعظم طريق, نقتفى اثار الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم, حادينا وهادينا الى الله الذى غمرنا برحمته واصبغ علينا نعمته فأضاء لنا الكون بمعرفته وساق لنا الخير من كل باب . فمنحنا من الخير ما لا يحصى , واغدق علينا من النعم ما لا يُعد , ومن أوائلها معرفتكم وصحبتكم الطيبة الصالحة, المتفانية فى ارضاء ربها ,المتعاونة المترابطة فيما بينها لا تبخل فى ميدان العطاء ولا تتخلف فى مضمار التضحية والفداء, تعيش مرابطة على ارض طاعته, واذا استيقظت على آذان المحنة توضئت بماء الثبات والاحتساب , وصلت صلاة الرضا والاخبات , فنقلبت محنتها الى منحة القرب والقبول , فلا يزال ذلك حالنا حتى نلقى الله بغير خطيئة بأذن الله تعالى . فنعم الرعاية رعايته ,ونعم الصحبة صحبتكم ,ونعم الرفقاء انتم , فان كنت انا احد الفروع التى تنقيها وتثقلها المحن فانتم جذور وسيقان هذا البستان بستان العبادة والطاعة للرحمن , كلما تأملتكم واحداً واحداً امام عينى يمتلئ قلبى حباً لله وعزم على مواصلة الطريق , استلهم من اخلاقكم اخلاقى , واقتبس من عبادتكم طريق صلاحى , لا استطيع ان اشبع من استحضار صوركم امامى وتصفح البوم ذكرياتنا حيث ارتوى بها واّنس بحضورها. لقد اسعدنا الله برفقتنا , وثقتنا فيه كاملة انه سيظلنا بعنايته الى ان نلج رحاب جنته , كنت اود ان اخاطب احبائى فرداً فرداً ولكن تطابق كثير من الاوصاف الصالحة قد يجعل فى حديثى تكرار ولكنه تكرار يزكى النفس ويقوى الهمة والعزيمة . احبائى رفقائى فى طريق الله اترككم فى رحابه وصحبته وعنايته حتى لقاء بالصور فالقلوب لقائها دائم لا ينقطع.

الثلاثاء، مارس ٠٤، ٢٠٠٨

اعتذار إلي الشعب الفلسطيني بقلم‏:‏ فهمـي هـويـــدي


لا أعرف ما اذا كان أحد قد أجري تقييما لتداعيات عبور فلسطينيي غزة للحدود المصرية أم لا لكن الذي أعرفه أن الأصداء الإعلامية علي الأقل جعلتنا مدينين بتقديم اعتذار إلي الشعب الفلسطيني‏.‏‏(1)‏ يوم السبت الماضي‏(3/1)‏ قتل الإسرائيلييون‏55‏ فلسطينيا في غزة‏.‏ وخلال الايام الثلاثة السابقة قتلوا‏35‏ آخرين‏,‏ وخلال الأشهر السابقة لم تتوقف عمليات القتل اليومية‏,‏ التي كان نائب وزير الدفاع الإسرائيلي صريحا حين وصفها بـ المحرقة‏,‏ في استعارة دقيقة لما فعله النازيون باليهود‏.‏ ليس هذا العام استثنائيا بطبيعة الحال‏,‏ لأن اليوم الفلسطيني ظل مصبوغا بلون الدم منذ أكثر من قرن من الزمان‏.‏ فمنذ الهجرة الصهيونية الاولي التي تمت عام‏1882‏ والفلسطينيون يقاومون بعناد لا مثيل له احتلال بلدهم ويصدون زحف الغزاة الجدد علي أرضهم‏.‏هذه المقاومة العتيدة يسجلها الدكتور أحمد الريماوي في كتابه المسار التاريخي للنضال الوطني الفلسطيني فيتحدث عن تصدي الفلاحين الفلسطينيين في عام‏1886‏ للغزاة الذين طردوهم من بلدة الخضيرة‏,‏ لكي يقيموا مستوطنة بتاح تكفا‏(‏ معناها الامل‏)‏ واستمر المسلسل الدامي إلي نهاية الحكم العثماني‏,‏ وطوال سنوات الانتداب البريطاني الذي استمر ثلاثين عاما من‏(1917‏ إلي‏1948)‏ وهي سنوات التمكين للمشروع الصهيوني انطلاقا من وعد بلفور‏,‏ التي انتهت باعلان الدولة العبرية التي تحتفل هذا العام بالذكري الستين لتأسيسها‏.‏منذ أكثر من مائة عام وأرض فلسطين مخضبة بدم أبنائها الذي ظل يسيل مع استمرار حلقات المحرقة‏:‏ الصدامات والانتفاضات والثورات والعمليات الفدائية والاستشهادية‏,‏ والغارات التي كانت المذابح الاخيرة احدي حلقاتها‏.‏لايوجد حصر للضحايا الذين سقطوا في المواجهات التي سبقت عام‏1948,‏ رغم أن الوقائع مذكورة في مختلف المراجع التي أرخت لتلك المرحلة‏.‏ لكن التقديرات التي يطمئن اليها غطت المرحلة التي أعقبت تأسيس الدولة العبرية‏.‏ والدكتور سلمان أبو ستة رئيس هيئة أرض فلسطين‏(‏ مقرها لندن‏)‏ من أبرز الذين تابعوا هذا الملف‏.‏ وفي دليل حق العودة الذي أصدره ذكر أن العصابات الاسرائيلية في غاراتها علي الفلسطينيين عام‏1948‏ ارتكبت‏35‏ مذبحة كبيرة وأكثر من‏100‏ حادث قتل جماعي‏.‏ مما أدي إلي طرد أهالي‏530‏ مدينة وقرية‏,‏ بالاضافة إلي‏662‏ ضيعة وقرية صغيرة‏.‏ وأهالي هذه المدن والقري هم اللاجئون الفلسطينيون اليوم ـ الذين يقدر عددهم بستة ملايين و‏100‏ ألف نسمة‏(‏ احصاء عام‏2003)‏ ـ وهؤلاء يمثلون ثلثي الشعب الفلسطيني البالغ عدده تسعة ملايين نسمة‏,‏ طبقا لاحصاء ذلك العام‏.‏في تقدير الدكتور أبوستة انه بالاضافة إلي الذين شردوا وطردوا من ديارهم‏,‏ فان حوالي مليون فلسطيني علي الاقل أصابهم الاحتلال الاسرائيلي اصابة مباشرة‏,‏ وهم مجموع الذين قتلوا وجرحوا واعتقلوا‏.‏ وفي حرب عام‏48‏ وحدها قتل‏12‏ ألف فلسطيني‏,‏ ووضع‏25‏ ألفا في معسكرات الاعتقال‏(‏ مجموع المصريين الذين قتلوا في تلك الحرب‏1191‏ فردا من بينهم‏200‏ متطوع‏,‏ كما يذكر اللواء دكتور إبراهيم شكيب في كتابه عن حرب‏48)‏ أما في الوقت الراهن ففي السجون الاسرائيلية‏11‏ ألف معتقل‏,‏ وتشير البيانات الاسرائيلية إلي أن‏40%‏ من الشبان الفلسطينيين في الضفة وغزة تعرضوا للاعتقال‏.‏ولاينبغي الاستهانة برقم المليون فلسطيني الذين طالتهم آلة الحرب والقمع الاسرائيلية لانهم بالنسبة لعدد السكان‏,‏ يعادلون‏7‏ ملايين مصري أو‏30‏ مليون أمريكي‏.‏‏(2)‏ خلال القرن المنصرم تعرض الفلسطينيون لثاني أكبر عملية إبادة في التاريخ الانساني‏,‏ الأولي كان ضحيتها الامم والشعوب الهندية في القارة الأمريكية‏,‏ التي تشير المراجع التاريخية إلي أن عددهم في بداية القرن السادس عشر كان‏112‏ مليون نسمة‏,‏ لم يبق منهم في بداية القرن العشرين سوي ربع مليون فقط‏.‏وخلال القرون الأربعة استطاع المهاجرون البيض القادمون من انجلترا واستوطنوا تلك البلاد الشاسعة إبادة‏400‏ شعب وقبيلة وامة‏.‏ وقاموا لاول مرة في التاريخ باستبدال شعب بشعب آخر‏,‏ وإحلال ثقافة محل ثقافة أخري‏,‏ علي النحو الذي يسجله مفصلا وموثقا كتاب الباحث الفلسطيني منير العكش أمريكا والابادات الجماعية‏.‏المثير والمدهش في الكتاب ليس فقط أنه حافل بالشهادات المروعة التي تروي كيفية تنفيذ تلك الجريمة البشعة‏,‏ ولكن أن الصورة التي رسمها تبدو وكأنها الاصل والنموذج الذي طبقته إسرائيل علي أرض فلسطين‏.‏لقد كانت القارة الأمريكية بالنسبة للمهاجرين الانجليز هي أرض الميعاد‏,‏ وهو نفس ما تذرعت به إسرائيل‏,‏ ومن البداية اعتبروا أنفسهم عبرانيين‏,‏ حتي ان العبرية واللاتينية ـ وليس الانجليزية ـ كانت لغة التعليم في جامعة هارفارد عند تأسيسها في عام‏1936.‏ وشريعة موسي كانت القانون الذي أرادوا تبنيه‏.‏ كما ان العبرية كانت اللغة الرسمية لابناء المستوطنات الثلاث عشرة التي أقامها الغزاة البيض علي ساحل الاطلنطي‏,‏ وهؤلاء المستوطنون هم نواة جيش الابادة الذي لم يتوقف عن استئصال أصحاب الارض بكل الوسائل التي طبقت لاحقا علي أرض فلسطين‏,‏ من القتل والطرد والحصار والتجويع‏,‏ إلي تسميم المياه والماشية وتدمير الزراعات وإحراق المحاصيل‏(‏ يذكر المؤلف أنه في احدي الغارات أتلف المستوطنون الانجليز كمية من الذرة كافية لإطعام‏4000‏ انسان لمدة سنة كاملة‏).‏من مفارقات الاقدار وسخرياتها أن اتفاقيات السلام التي بلغ عددها‏120‏ اتفاقية كانت الكمائن التي نصبها المستوطنون الانجليز لتخدير الشعوب والقبائل الهندية قبل الانقضاض عليها واستئصالها‏,‏ وتبلغ تلك المفارقات ذروتها حين نعرف ان ما تبقي الآن من تلك الامم الهندية العظيمة لم يزد علي كيان يقول الامريكيون انه الممثل الشرعي‏(!)‏ للقبائل المعترف بها‏,‏ وهو يحمل اسم مكتب الشئون الهندية‏,‏ ويعتبره المؤلف أشبه بالسلطة الوطنية الهندية‏,‏ ويفاجئنا بأن تلك السلطة فرع تابع لوزارة الداخلية الأمريكية‏.‏هذا التشابه المذهل بين التجربتين الهندية والفلسطينية حاضر في وعي النشطاء من سلالة الشعوب التي أبيدت‏,‏ ولايفعلون الآن أكثر من البكاء علي الاطلال ومحاولة تجميع ماتبقي من ثقافتهم التي أبيدت‏,‏ وقد نقل المؤلف عن أحدهم‏,‏ اسمه مايكل هولي ايجل من بقايا شعب سو‏,‏ قوله‏:‏ ان تاريخنا مكتوب بالحبر الابيض‏..‏ وماتعرضنا له هو واحدة من الإبادات الكثيرة التي سيواجهها الفلسطينيون‏(‏ لأن‏)‏ جلادنا المقدس واحد‏.‏‏(3)‏ هذا الاستنتاج ليس دقيقا‏.‏ فالمقدمات اذا ما تشابهت أو تطابقت‏,‏ فالمآلات اختلفت‏,‏ ذلك ان الشعوب الهندية انكسرت وتحولت إلي أثر بعد عين‏,‏ في حين ان الشعب الفلسطيني لايزال يدهشنا بصموده ومقاومته واصراره علي رفض الانكسار والتسليم‏.‏ ومن ثم استحق أن يطلق عليه شعب الجبارين وهو الوصف الذي لم يكف أبو عمار عن ترديده بين الحين والآخر‏.‏يزيد من تقديرنا لصمود ونضال الشعب الفلسطيني أن معركته أعقد واكثر شراسة من معركة الهنود الحمر‏.‏ علي الأقل فالهنود كانوا يواجهون قوة محلية تمثلت في ميليشيات المستوطنين الانجليز‏.‏ أما الفلسطينيون فابادتهم وإذلالهم اشتركت فيه مع إسرائيل قوي دولية نافذة واقليمية متواطئة‏,‏ وقوي محلية مهزومة‏,‏ ان شئت فقل إن الهنود واجهوا بصدورهم العارية عدوا واحدا علي جبهة واحدة‏,‏ أما الفلسطينيون فانهم ما برحوا يتلقون السهام في صدورهم وظهورهم‏,‏ وكتب عليهم أن يواجهوا التحدي علي جبهات متعددة‏,‏ في حين انحازت أغلبيتهم إلي المقاومة واعتصمت جماهيرهم بالصمود‏.‏ طوال مراحل نضالهم ظلت فصائل المقاومة متمسكة بحق العودة وتحرير أرضهم من الاحتلال واقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس‏.‏ وهي العناوين التي رفعها ياسر عرفات عام‏1969,‏ والتي انحاز اليها في مفاوضاته‏,‏ وبسببها حوصر وقتل‏,‏ وهي ذاتها العناوين التي استمرت في رفعها كتائب المقاومة الأخري وفي مقدمتها حماس والجهاد وكتائب الناصر صلاح الدين‏,‏ وبسببها حوصرت غزة وتتواصل علميات القتل والتصفية فيها يوما بعد يوم‏.‏‏(4)‏ هذا السجل المشرف الذي تمتلئ صفحاته بآيات التضحية والفداء وبالاصرار الخرافي علي المقاومة والصمود‏,‏ سقط من ذاكرة البعض في مصر عقب ماجري علي الحدود‏.‏ فقد استنكر هولاء الانفجار الشعبي الذي عبر عنه الصامدون الصابرون في غزة بعبورهم للحدود ومحاولة توفير احتياجاتهم الحياتية من سيناء‏,‏ اعتبره أولئك البعض غزوا ومؤامرة وتهديدا لأمن مصر وتعطيلا للتنمية فيها‏,‏ وتلاعبا بالمصير المصري من قبل قيادات حماس‏,‏ وإلي جانب التنديد والتحريض والتخويف ذهب آخرون إلي حد اهانة الفلسطينيين وتجريحهم‏,‏ حين وصفوهم بأنهم معتدون ومتسللون أضمروا الخراب‏,‏ وأنهم بلاء كتب علي مصر أن تتحمله‏,‏ وهذا الكلام ورد في تعليقات كتاب كبار‏,‏ وهو الأمر الذي بدا جارحا لكرامة الفلسطينيين‏.‏ما يثير الانتباه ان الاصوات التي تبنت ذلك الموقف المندد بالفلسطينيين ونضالهم‏,‏ هي ذاتها التي دأبت علي الازدراء بمقومات الانتماء المصري بشقيه العربي والاسلامي‏,‏ وهي ذاتها التي تبنت دعوات الاستسلام‏,‏ والاستتباع والانكفاء علي الذات‏,‏ هي أصوات معسكر الهزيمة الذي فقد الثقة في نفسه وأمته‏,‏ وتنكر لتاريخه وهويته‏,‏ لذلك لعلي لا أبالغ اذا قلت ان هؤلاء لايكرهون الفلسطينيين وحدهم ولكنهم يكرهون جلودهم وأمتهم كلها‏.‏

السبت، فبراير ١٦، ٢٠٠٨

أنشدكم بالله : قاطعوا المنتجات الدينماركية

ويل لهؤلاء الصحفيين الدنماركيين المرتزقة من سب نبينا ,أقسمت عليكم أن تلعنوهم صباح مساء , لم ولن نسب نبيهم كما سبوا نبينا فنحن أولى بنبيهم منهم ,لقول الله تعالى:(قولوا ءامنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون) البقرة 136 ولقوله تعالى :(ءامن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون ,كلٌ ءامن بالله وملائكته وكتبه ورسله ,لا نفرق بين أحد من رسله ,وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) البقرة 285 فإن ءامنوا بمثل ما ءامنا به فقد اهتدوا, وإن تولوا فإنما هم فى شقاق, فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم.

الثلاثاء، فبراير ١٢، ٢٠٠٨

الحلقة الأخيرة من الزيارة الأولى

يبدأ البرنامج بإستيقاظ قبل الفجر بساعتين لمن أراد , وقيام فردى , ثم صلاة الفجر وأذكار الصباح , ثم (حنكشة)وهو شاى بلبن مع بعض الحلوى (الفاكهة),ثم إنتظار مع القرآن حتى شروق الشمس وصلاة الضحى ,ثم نوم حتى التاسعة صباحاً , ثم إفطار , ولا أعرف كيف يداهمنا أذان الظهر, ثم جلسات حتى صلاة العصر , ثم تمشية ساعة قبل دخول الزنزانة , وتناول طعام الغذاء الذى يأتينا من خارج السجن. ثم صلاة المغرب وجلسات حتى بعد صلاة العشاء , ثم قراءة قرآن ومراجعة فردية ,فالنوم الساعة العاشرة, وهكذا تمر الأيام بفائدة طيبة .
هذا ملخص محتوى الزيارة الاولى بسجن برج العرب 7 / 2 / 2008 , نلقاكم على خير إن شاء الله بعد الزيارة الثانية لنحكى ما جرى فيها , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأحد، فبراير ١٠، ٢٠٠٨

بشرى

رزق د/ الزعفرانى أثناء إعتقاله بأول حفيد يحمل إسمه وهو إبراهيم إسماعيل إبراهيم الزعفرانى

الحلقة الثانية من الزيارة الاولى


قلت لنفسى بعدها : لماذا لا توجد فى منزلى ومنازل إخواننا قائمة بمحتويات شنطة السجن ؟ لان الموقف ساعة دخول الأمن لا يُمكن ربة البيت والأولاد من تجهيز الشنطة بالمستلزمات الرئيسية).
توجهنا إلى نقطة شرطة المندرة المواجهة لباب حدائق المنتزة (اخر شارع جمال عبد الناصر), إلى أن احضروا أخى مدحت غنيم ,ثم توجهنا إلى الترحيلات , وبدأ عدد كبير من الأخوة يتوارد علينا حتى بلغ عددنا ستة وعشرون , وفى اليوم التالى تم عرضنا ليلا , ثم تم ترحيلنا إلى سجن برج العرب.
لقينا أثناء تنقلنا إلى النيابة والمحكمة معاملة طيبة ,و كذلك فى سجن برج العرب , حيث جهزت الزنازين التى مساحتها 4 * 5 وتسع 10 أفراد بالكهرباء و سخانات المياه لعمل الشاى وغيره .والحمد لله ننام على مراتب ومعنا بطاطين وقمنا بإغلاق الشبابيك بورق بلاستيك , ولنا برنامج يومى . وهذا ما سنحكى عنه فى المرة القادمة إن شاء الله.

الجمعة، فبراير ٠٨، ٢٠٠٨

حدث فى الزيارة الاولى 7/2/2008 بسجن(الغربانيات) برج العرب

فى الزيارة الاولى لوالدنا د/ابراهيم الزعفرانى حكى لنا عن ليلة القبض عليه فيقول: بعد عودتى للمنزل هذه الليلة , استقبلتنى والدتكم بشيئ من القلق , لاننى بالرغم من غيابى طوال اليوم عن المنزل لم أتصل بها لاطمئنها - وهذا خطأ منى - لكنى تسألت فى نفسى ,وماذا لو تحول هذا التخوف الى حقيقة ؟كنت على يقين ان موقفك سيتغير تماما بفضل الله لثباتك ورباطة جأشك.وحدث ما توقعته , حين ايقظتينى الساعة الثانية بعد منتصف الليل, قائلة: هناك طرق على الباب ؟تأكدت ساعتها أنهم هم . خرجت فوجدت ابنى جعفر امامى , ونطرت فرأيت طابور من المخبرين خلف ضابط , والذى تعامل معى بكل احترام , قائلا: لو سمحت يا دكتور ابراهيم البس ملابس الخروج وتعال معنا .كنت مشفقا على ولدى جعفر لمرضه وارتفاع درجة حرارته , وكذلك من انه هو الذى فتح لهم الباب. وسارت الامور كما رأيتى , حيث توضئت وعدت ألبس ملابس الخروج, وطلبت منك إعداد الشنطه المعهوده.
و نستكمل حكاية باقى احداث الزيارة الاولى فى الايام القادمة . إن شاء الله.

الأحد، يناير ٢٧، ٢٠٠٨

إن أخذوك فقد أخذوا بدنك

إن أخذوك فقد أخذوا بدنك
ولكن روحك موجودة ونحن موجودون
نتعاهد على ان تكون قضية فلسطين عامة وغزة خاصة هى شغلنا الشاغل والا نترك أي سبيل يسلك لفك الحصار عن إخواتنا هناك إلا وسلكناه حتى ينصرهم الله أو نهلك دونه
دعوة الى كل المدونيين ساندوهم قاوموا معهم انشروا قضيتهم فسلاحهم الجيهاد وسلاحنا الدعم والمقاطعة والتدويين والدعاء واوجه رسالة الى اخوتنا وأهل بلدنا قوات الأمن لا تقفوا حائل دون تواصل الجسد الواحد ودعونا نتكاتف لنصرة اخوتنا فى فلسطين نسأل الله أن يجعلكم جند الحق وأن يرزقنا النصر بأيدينا وأيديكم متآخين. جعفر الزعفرانى

إفرجوا عن الفارس النبيل ....



إنضم معنا في حملة الألف مدون للإفراج عن المدون الدكتور إبراهيم الزعفراني
علي مدونة يلانفضحهم : http://www.yallanefdahom2.blogspot.com/
الدكتور الزعفراني الفارس النبيل

ما أروعه محراب التدوين الذي جعلنا نعرف ونتعرف علي الكثير من المدونين الشرفاء الذين إمتلأت قلوبهم وعقولهم بحب هذا الوطن والعمل والسهر علي رفعته وعزته والقضاء علي الظلم الذي يستشري بين جنباته ....
نتكلم اليوم عن رجل بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني ....
رجل في زمن عز فيه الرجال; منذ أن عرفناه كان حلمه وهدفه وقضيته الأولي التي لطالما حدثنا عنها هي حقوق الإنسان وأن يحيا الإنسان في وطنه بكرامة وحرية ... وكان كل ما يأمله ويكرره علي أسماعنا هو وطن عربي بدون سجين رأي واحد ...
هكذا وجدنا كمجموعة كبيرة من المدونين الدكتور إبراهيم الزعفراني أمين عام نقابة الأطباء بالإسكندرية ورئيس لجنة الإغاثة والطواريء بإتحاد الأطباء العرب .. شعلة نشاط لا تهدأ ... لا يكل ولا يمل ... نتفق علي موعد أو ورشة عمل فيكون أول الحاضرين ... لا يفرض رأياً ولا توجه ، ورغم تباين توجهاتنا فهذا مدون ليبرالي من حزب الغد أو الوفد وأخر ناصري وأخر يساري وأخر إسلامي أو إخوان ..فلم نجد يوماً تفرقة في التعامل أو في توزيع المهام ... دائماً يقول لنا إن وجود الآلاف من سجناء الرأي في بلادنا هو عار سيلحق بنا جميعاً ولن يفرق بين إنتماءتنا ولن يرحمنا الله ولا التاريخ عن صمتنا وعن عجزنا ...
ومرت الأيام وبدأنا نرتبط أكثر وأكثر بهذا الدكتور النابه الذي جمعنا في تجمع واحد وإتفقنا علي عمل مدونة جماعية تكون صوت للمظلومين والضحايا وجلسنا نفكر ماذا نسمي هذه المدونة هناك من قال نسميها مدونة مظلوم ... وأخر قال مدونة صرخات .... فإذا بالدكتور الزعفراني يرفض بشده ويقول مظلوم فيها نوع من الضعف والإستكانة ويضيف ما رأيكم أن نسميها يلانفضحهم ... وياله من إسم عبقري وافق عليه الجميع ... وإقترح الدكتورعلي أن تكون كلمة الكاتب الكبير فهمي هويدي (إن لم نوقف التعذيب فلنفضحه ) نقطة إنطلاق لنا وبدأنا العمل وكان كل يوم جديد وتطور في هذا التجمع المبارك للمدونين فتم عمل أول تجمع حقيقي للمدونين في مصر في 18 أكتوبر 2007 والذي حضره أكثر من 500 مدون وحقوقي وناشط سياسي وتم الإعلان عن ميثاق شرف وطريقة عمل لمدونة يلانفضحهم وتم الإعلان عن الخط الساخن رقم 0166885063لتلقي بلاغات الضحايا ومن وقع عليهم ظلم أوإنتهاك لحقوقهم الإنسانية.
وبدأت العجلة تدور وتلقينا أكثر من 160 بلاغ من حالات الإنتهاك والتعذيب وتم التفاعل مع بعضها وعمل جلسات إستماع لها ومن ثم تطييرها لجميع وسائل الإعلام وجميع لجان حقوق الإنسان في العالم ..
وبدأت يلانفضحهم في الإنتشار وللأسف تدخلت الأيادي السوداء لوقف مدونة يللانفضحهم من المنبع عن طريق شركة جوجل والتي خضعت وتواطأت وأغلقت المدونة ... فكان القرار بأن يكون هناك عمل علي الأرض ومن ثم كان مركز ضحايا للإستشارات القانونية والتأهيل النفسي لضحايا التعذيب بالإسكندرية علي أن نقوم بعمل مدونة أخري أطلقنا عليها يلانفضحهم 2 تكون صوت المركز ...وكم كان الدكتور الزعفراني رائعاً ونحن نجهز هذا المركز خطوة خطوة ... ويتحرك معنا بلياقة الشباب حتي أنجزنا المركز وأصبح صرح وملجأ لكل مظلوم في بلادنا ...
ومنذ أسبوعين أتصل الدكتور الزعفراني بنا جميعاً وقال لنا إن المواطن إبراهيم عبد النبي الذي إنتهك عرضه ظابط الشرطة في قسم الدخيلة وألبسه قميص نوم ولف به في الشوارع قد أخذ حكماً قضائياً ضد الجاني بالسجن خمسة أعوام ولابد أن نكون أول المهنئين له ... وفعلاً إنتظرنا الدكتور علي محطة قطار سيدي جابر بعد يوم طويل له في لجنة الإغاثة بإتحاد الأطباء العرب بالقاهرة وذهبنا مباشرة إلي الورديان حيث يسكن إبراهيم وكم جرت الدموع في حين الدكتور إبراهيم وتحشرجت كلمات التهاني في حلقه وهو يري سعادة أم إبراهيم المريضة بإستعادة شرف إبنها ... وفي طريق عودتنا جاء لنا تليفون أن هناك أسرة تم تشريدها في منطقة كفر عبده وإخلائها من مسكنها بالقوة لصالح مجموعة من أصحاب النفوذ للإستيلاء علي المنزل والأرض المقامة عليه المرتفعة القيمة و الثمن ... فيسرع الدكتور الزعفراني ويذهب لإحضار خيمة ونذهب معه للأسره ويشد علي أيديهم ويثنى علي موقفهم الصلب بالمكوث في الشارع أمام المنزل غير متنازلين عن حقهم وبيتهم ويتصل بأحد المحامين وأحد أعضاء مجلس الشعب ويرسل لهم عائل الأسرة لتبني هذه القضية ...
وكم من مواقف وأحداث مع هذا الدكتور الفذ يطول شرحها ....
والذي أعطتنا فرصة إعتقاله الحرية في أن نمدحه ونعطيه حقه فهو الفارس النبيل المخلص الذي تبني أشرف القضايا... إغاثة الملهوف في إتحاد أطباء مصر ..ونصرة المظلوم في مركز ضحايا لحقوق الإنسان ... ولو أمهله الوقت لكان أتم حلمه الأخير في إنشاء مركز
(راسين في الحلال ) لتزويج الشباب والبنات والمشاركة في حل قضية العنوسه ...
يا سادة الكلام عن الدكتور إبراهيم الزعفراني يطول ويطول فقصة حياته لمن يتابع مدونته (من الذاكرة) فيها العبر والكثير
ونحن لم نتناول إلا جزء من جانب من إهتماماته وإمكانياته ...
يا سادة أعيدوا لنا الفارس النبيل فحق لمصر أن تفخر أن فيها مثل الزعفراني وأمثاله فبدلاً من التكريم يكون الإعتقال ..!!
ولن نطلب منكم أن تفرجوا عنه فهذا المطلب لابد أن نطلبه من عادل وأنتم لاتوجد هذه الكلمة في قاموسكم أصلاً ...!!
وتبقي لنا كلمة .. نحن في إنتظارك يا فارسنا العظيم ونحن علي الدرب سائرين وللجلادين فاضحين وللضحايا ناصرين ...

أبناءك

تجمع المدونين الطامحين في وطن عربي بلاسجين رأي واحد



الثلاثاء، يناير ١٥، ٢٠٠٨

إشكالية الوطن والوطنية والمواطنة

د/ يوسف القرضاوى

موقع القراضاوى / 18/10/2007مع الاختصار

فكرة الانتماء إلى الإسلام والى أمة الإسلام ، وإلى دار الإسلام ، التي كانت سائدة في القرون الماضية منذ عصر النبوة ، فعصر الراشدين ، فعصر العباسين والعثمانيين : قد لا تكون مقبولة عند غير المسلمين . على أساس أن أصل هذا الانتماء ديني ، ينطلق من القرآن والسنة .
إن علماء المذاهب المختلفة جميعا ، قرروا :- ان غير المسلمين في المجتمع الاسلامى ، وهم الذين يعبر عنهم فى الاصطلاح الفقهي
( أهل الذمة ) يعدون من ( أهل دار الإسلام ) فهم من ( أهل الدار ) وإن لم يكونوا من أهل الملة ) .
وفى اجتهادي :- أن كلمة ( أهل الدار ) هذه تمثل مفتاحا لحل مشكلة المواطنة لأن معنى أنهم (أهل الدار ) أنهم ليسوا غرباء ولا أجانب ، لأن حقيقة معناها أنهم أهل الوطن ، وهل الوطن إلا الدار أو الديار ؟
وإذا ثبت أنهم أهل الوطن فهم ( مواطنون ) كغيرهم من شركائهم من المسلمين . ولهذا يلزمنا فقها : أن نقرر فكرة المساواة بين أبناء دار الإسلام على أساس مبدأ : لهم ما لنا ، وعليهم ما علينا . ولا تمييز إلا فيما تقتضيه طبيعة الخلاف الديني .
ولا بد من حذف كلمات ومصطلحات تاريخية من قاموس التعامل المعاصر ، مثل كلمة ( أهل ذمة ) التي لا يقبلها غيرا لمسلمين . فلم يتعبدنا الله بهذه الكلمات ، وقد حذف عمر(رضي الله عنه) ما هو أهم منها ، حين اقتضت المصلحة العليا ذلك ، فحذف كلمة ( جزية ) حين طلب منه ذلك نصارى بني تغلب ، وقالوا : إننا قوم عرب ، ونأنف من كلمة ( جزية ) ، ونريد أن نأخذ ما تأخذ منا باسم ( الصدقة ) ورضي منهم ذلك ، معتبرا أن العبرة بالمسميات والمضامين لا بالأسماء والعناوين .
إن الاشتراك في الوطن يفرض نوعا من الترابط بين المواطنين بعضهم وبعض ، يمكن أن نسميه ( الإخوة الوطنية ) فكل مواطن أخ لمواطنه وهذه الإخوة توجب له من حقوق المعاونة والمناصرة والتكافل ما ستلزمه معنى ( الإخوة ) أي الانتماء إلى أسرة واحدة .
وهناك حساسية عند كثير من المسلمين من إطلاق لفظ إخوة على غير المسلمين ،وكذلك عند تعارض الو لاءات ، وعندهم تخوف من كلمة المواطنة والقومية بسبب مغالاة الآخرين فيها أو ربطها بالعلمانية ويناقش فضيلة الشيخ القرضاوى المسائل الاربعة فيقول :
قد يعترض بعض السلامين على إطلاق الأخوة خارج الإطار الديني .
فليس عندهم إلا أخوة الإيمان ، اى الأخوة الدينية ، ولا اعتراف بأي أخوة سواها .
ودليلهم على ذلك قول الله تعالى : { إنما المؤمنون إخوة }[ الحجرات ]
وقوله سبحانه عن المؤمنين : { فأصبحتم بنعمته إخوانا }[ آل عمران – 103 ]
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم " المسلم أخو المسلم " .
ونحن نؤمن بأصالة الأخوة الدينية القائمة على الايمان ، ونرى أنها أعمق أنواع الأخوات . كما عرفنا ذلك فى سيرة الصحابة والمسلمين الأول ، وكيف فاقت هذه الاخوة النسب والدم فى وقائع شتى .
ومع اعترافنا بذلك نؤكد : أن هذه الأخوة على عمقها لا تمنع من وجود أنواع أخر من الأخوات . مثل الأخوة الوطنية أو القومية ، ومثل الأخوة الإنسانية ، ها أنا أسوقه إليك من القرآن الكريم . اقرأ معي قول الله تعالى في سورة الشعراء : { كذبت قوم نوح المرسلين * إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون } [ الشعراء - 106 ]
{ كذبت عاد المرسلين * إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون .... }[ الشعراء- 123 ،124 ]
{ كذبت ثمود المرسلين * إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون }[ الشعراء - 141، 142 ]
{كذبت لوط المرسلين * إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون }[ الشعراء - 160، 161]
فكل هؤلاء الأقوام كذبوا رسلهم وكفروا بهم ،ومع هذا عبر القرآن عن علاقة رسولهم بهم بأنه علاقة (الأخوة) "قال لهم أخوهم" .
وذلك لأن هؤلاء الرسل كانوا منهم ،ولم يكونوا أجانب عنهم ،فتربطهم أخوة قومية.
عند تعارض الو لاءات والانتماءات :
فالإنسان في واقع الأمر ليس له انتماء واحد ، فقد تتعدد انتماءات الإنسان باعتبارات شتي ،ولا نجد أي تناقض بينهما.
فالإنسان ينتمي إلي أسرته ، وينتمي إلي قريته ، وينتمي إلي محافظته،وينتمي إلي قطره أو وطنه ، وينتمي إلي أقليمه،وينتمي إلي قارته،وينتمي إلي دينه ،وينتمي إلي أمته (ألكبري المؤسسة علي الدين)،وينتمي إلي الأسرة الإنسانية .ولا حرج في ذلك ولا ضير فهذه الانتماءات غير متعارضة ولا متناقضة ،بل هي تعبر عن حقائق قائمة بالفعل ، والعلاقة فيما بينها علاقة الخاص بالعام ،والأخص بالأعم ،وما بينهما.
إنما تحدث الإشكالية حين يتعارض الانتماء إلي الوطن والانتماء له ، مع انتماءات ولاءات أخري يلتزم بها الإنسان .
وذلك مثل : الانتماء إلى الدين والولاء له . ومثل : الانتماء إلى القوم والولاء لهم . ومثل : الانتماء إلى البشرية والولاء لها .
فأي هذه الو لاءات والانتماءات أولى بالتقديم على غيرها ؟ أعنى : إذا تعارض الولاء للوطن والولاء للدين ، فأيهما يقدم،وبأيهما نضحي؟ الذي يظهر في هذه الحالة أنه في حالة التعارض بين الدين والوطن ، فإن الدين هو المقدم ، لأن الوطن له بديل ، والدين لا بديل له .
ولهذا رأينا الرسول الكريم وأصحابه حين تعارض الدين والوطن : هاجروا في سبيل الله وضحوا بالوطن الذي ضاق بعقيدتهم ،وصادر دعوتهم ، وفتنهم في دينهم وقد بين القرآن الكريم في مفاصلة واضحة وحاسمة : أن دين المسلم أعز عليه ، وأحب إليه من كل شيء سواه ، مما يعتز به الناس ويحرصون عليه ، وذلك في قوله تعالى في سورة التوبة : { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين } [ التوبة : 24 ] .
وبهذا يتبين بما لا شك فيه : أن دين المسلم المعبر عنه بحب الله ورسوله : يجب أن ترجح كفته على كل الروابط والقيم الأخرى ، بما في ذلك الآباء والأبناء والإخوة والأزواج والعشيرة والأموال والتجارة والمساكن التي يرضونها . وهذه العبارة تعبر عن الأوطان التي رضوها وارتبطوا بها ماديا وعاطفيا
اقتران الوطنية بالعلمانية :
وتحدث المشكلة لدى بعض الإسلاميين ، فتراهم يتحفظون على فكرة ( الوطنية ) انطلاقا من أن ( الوطنية ) مسكونة بـ ( العلمانية ) التي تفصل الدين عن الدولة ، بل عن الحياة . على خلاف ما هو معروف عن شمولية الإسلام ، الذي عرفه الناس من مصادره الأصلية : عقيدة وشريعة ، عبادة ومعاملة ، دعوة ودولة ، دينا ودنيا . وعرفوا : أن الدين هو إحدى الضرورات أو الكليات الخمس التي جاءت بها الشريعة ، التي شرعها الله لتحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد .
ونقول هنا : إن الوطنية في ذاتها لا تحمل أي مضمون أيديولجى ، لا مضمون ( دينى ) ولا (لا دينى ) ( علماني ) بل هي محايدة ، وقابلة لأن تحمل ، من حق أو باطل .
وليست كل النزاعات الوطنية التي رأيناها بل رأينا نزاعات وطنية مشبعة بالروح السلامية ، مثل : ( وطنية مصطفى كامل ) الذي كان متعاطفا مع دولة الخلافة الإسلامية ، ومثل حركات التحرر الوطني في كثير من الأقطار الإسلامية فقد كانت هذه الحركات التي قامت لمحاربة الاستعمار , وطرده من بلادها ، والحصول على السيادة والحرية : ذات جذور إسلامية ، وحوافز إسلامية ، كما فئ الجزائر وبلاد الشمال الافريقى العربي ، وكثير من البلاد الإسلامية المختلفة ، كما يقودها ويوجهها الزعماء الدينيون في شتى البلدان .
ومثل ذلك : النزاع في القومية ، فليست القومية في ذاتها علمانية ، ولمن دعاة القومية في بعض الأوقات كانوا علمانيين ، ليبراليين أو ماركسيين ، فظن من ظن : أن القومية لابد أن تكون علمانية . وليس من الضروري أبدا أن تكون الوطنية أو القومية علمانية .

الغلو في الوطنية حتى تصبح بديلا عن الدين
وتحدث المشكلة أيضا حين يغلو بعض الوطنيين فى فكرة الوطنية ، أو عاطفة الوطنية ، حيث نرى بعضهم يجعلون الوطن مقابل ( الدين ) أو بديلا عن الدين ، وإن شئت قلت : مقابل (الله ) ، فكما تبدأ الامور ( باسم الله ) تبدأ باسم الوطن ، وكما يقسم الناس بالله ، يقسمون بالوطن ، وكما يعمل الناس لوحه الله ، يعملون لوجه الوطن !!
وكأن الوطن أصبح إلها ، أو وثنا يشركونه مع الله عز وجل . مع أن المسلم قد جعل محياه ومماته كما جعل صلاته ونسكه لله ، كما قال تعالى لرسوله الكريم { قل إن صلاتي ونسكى ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت } [ الأنعام : 162،163] .
والحس الديني عند المسلم يرفض أن يقرن باسم الله اسما آخر ، أو يقسم بأحد أو بشيء مع الله ، أو يعمل عملا لوجه غير وجه الله ، ناهيك أن يفرده .
ولقد رأينا النزعة الوطنية ، حين تمزقت مظلة الخلافة الاسلاميه وانفرط عقد الأمة الواحدة ، والدولة الواحدة ، لتصبح أمما أو أميمات ، أو دولا أو دويلات !! تحاول كل دولة أن تعزز وجودها ( الوطني ) الجديد ، بفلسفة جديدة ، ومفاهيم جديدة ، يراد بها أن تبدل الولاء لله ولرسوله وللأمة المسلمة الكبرى ، لتجعل بدله الولاء للوطن الصغير ، الذي ينبىء عنه علم خاص ، واسم خاص ، وحدود خاصة ، وتنشد له الأشعار ، وتنشأ له الأناشيد ، لتتعلق القلوب به ، وتتجه المشاعر إليه . وأذكر أننا حين كنا تلاميذ بالمدارس الأولية ، كانوا يحفظوننا نشيدا وطنيا حماسيا ، لا أدرى من أنشأه ،وهو يقول :

بلادي بلادي ، فداك دمى وهبت حياتي فدا فاسلمي
غرامك أول ما في الفؤاد ونجواك آخر ما في فمى

وقد سمعت شيخنا الشيخ محمد الغزالي يعلق على هذا النشيد ، وهذا البيت فيقول رحمه الله : فماذا بقى من فؤاد هذا القائل ومن فمه لله خالقه ؟ الوطنية مشروعة ومطلوبة إذا لم تتجه هذا الاتجاه المغالى ، فإن الغلو في كل شيء يفسده ، وقد رأينا الإسلام يحذر أشد التحذير من الغلو فى الدين . وكذلك الغلو في الوطن والوطنية .
ومما يذكر هنا أن أمير الشعراء أحمد شوقي برغم نزعته الإسلامية الواضحة ، وبرغم قصيدته في نعى الخلافة الإسلامية حين ألغيت ، وهى من روائع الشعر الذي أوصى الشباب بحفظه ، أراه أحيانا يبالغ في الوطنية ، مثل قوله :

وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه بالخلد نفسي !
عندما تتحول الوطنية إلى عصبية جاهلية
وتحدث المشكلة كذلك عندما تتحول النزعة الوطنية غالى عصبية جاهلية ، يتجمع فيها أهل الوطن ضد غيرهم ، وينحازون فيها بعضهم لبعض ، ينصر أخاه في الوطن ظالما أو مظلوما ، ويستجيب له إذا دعاه في الحق أو الباطل . على نحو ما قيل في وصف أحد زعماء قبائل العرب : إذا غضب ، غضب له مائة ألف سيف ، لا يسألونه فيم غضب ؟!
وكما وصف أحد الشعراء أبناء قبيلته بقوله :
لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا
فالمصيبة : أن تعين أهلك وقومك على ظلم الآخرين ، وأن تشهد لهم على الآخرين محقين كانوا أم مبطلين ، وأن تقول ما قال أتباع المتنبئين الكذبة من قبائل العرب أيام حروب الردة : كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر .
هكذا تكون العصبية القومية ، وكذلك تكون العصبية الوطنية ، كما رأينا ذلك في النزاعات النازية والفاشية فى أوربا في أوساط القرن العشرين ، من رفع شعارات : ألمانيا فوق الجميع ، وإيطاليا فوق الجميع .
والإسلام يعلم المسلم : أن يدور مع الحق حيث دار ، وأن يقول الحق وإن كان مرا ، وأن يكون قواما بالقسط شهيدا لله ، ولو على نفسه أو الوالدين والأقربين ، وكذلك لا يجرمه شنآن قوم على ان لا يعدل ، بل يجب أن يقوم بالقسط مع من يحب ومع من يكره . فعدل الله لجميع عباد الله .
ومن هنا أنكر الإسلام العصبية بكل أنواعها ، سواء كانت عصبية قبلية أم عصبية قومية أم عصبية اقليمية أم اى عصبية كانت. روى الإمام مسلم في صحيحه : عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قاتل تحت راية عمية ، يغضب لعصبه ، أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة ، فقتل ، فقتلته جاهلية "

الجمعة، يناير ١١، ٢٠٠٨

مقال المستشار/محمود الخضيرى .جريدة الدستور الجمعة 11/1/2008

المسيحي والمرأة وتولى الحكم في مصر
الجدل الدائر الآن في مصر حول جواز تولي المسيحي أو المرأة الحكم في مصر الإسلامية جدل نظري يفتقد اى أساس واقعي فهو جدل يفترض أننا أحرار في اختيار من يحكمنا وهذا أمر كما نعلم غير صحيح فإن إرادتنا منذ أكثر من خمسين عاما معدومة ليس في اختيار رئيس الجمهورية فقط بل في اختيار من يمثلنا في المجالس النيابية علي اختلاف أنواعها ودرجاتها .
وقد شاعت هذه الظاهرة وامتدت إلي النقابات وجميع التجمعات التي اعتدنا في السابق أن نختار المجالس التي تديرها حتي وصلت اليوم إلي الاتحادات الطلابية وصرنا نعلم أولادنا وشبابنا في الجامعات و المدارس كيف تزور الإنتخابات حتى يشبوا علي ذلك ويصير التزوير عملا طبيعيا غير مستهجن ونستطيع أن نقول إنه صار كذلك في مصر وبعض البلاد العربية التي تتخذنا قدوة حتي في الأعمال السيئة وأصبحنا لا نستنكره ولا نقاومه بأكثر من إطلاق بعض النكات والقفشات التي تنفس قليلا عن النفوس المكلومة بهذا الداء اللعين.
هل كان أحد يتصور أن الحكومة تجيش الجيوش وتعد العدد وتستعين بالخطرين علي الأمن من أجل تزوير الإنتخابات الطلابية التي من المفروض أن تكون مدرسة لأبناء المستقبل لكي يتعلموا فيها كيفية ممارسة الديمقراطية فيشبوا علي إحترام حرية الرأي وحسن اختيار من يمثلهم ؟ كيف يكون شعور هؤلاء الطلاب وهم يرون الدولة تنقض عليهم بكل قوتها وجبروتها من أجل إجبارهم علي اختيار أشخاص تفرضهم عليهم وأن تمنع آخرين يريدونهم من الحصول علي ثقة زملائهم حيث يرونهم هم أللأجدر من وجهة نظرهم لتمثيلهم وتكون وسيلتها هي الإستعانة ليس فقط برجالها ولكن بالخطرين علي الأمن والنظام؟
كيف يحترمون الحكومة وهم يرونها تتعاون مع المجرمين من أجل التغلب عليهم؟ وهل ياترى ستستطيع الحكومة الخلاص من هؤلاء الخطرين بعد أن صاروا من رجالها وأعوانها تعتمد عليهم في إنجاز المهمات القذرة التي لا تنتهي ؟
شاهدت بعيني أثناء الانتخابات التشريعية السابقة البلطجية والمجرمين يتجولون فى الطرقات وأمام لجان الانتخابات بشكل يثير الفزع والخوف لا يستترون بشيء من أعلى ويلطخون أجسامهم ووجوههم ويلوحون بالسيوف والسكاكين والمدى مصدرين بعض الأصوات المخيفة وكان هذا تحت سمع وبصر الشرطة مما دفع الناس إلى القول بأنهم فئ الحقيقة جنود من جنودها تستعملهم في هذه المهمات أو أنهم بعض المجرمين الخطرين على الآمن يقومون بهذه المهام لحساب الحكومة مقابل التغاضي عن جرائمهم وأين كان وضعهم فإنهم يعملون تحت سمع وبصر الحكومة وهذا دليل على أنهم يعملون لحسابها
غير أن الأمر الذي أثار إنتباهى أنى شاهدت هؤلاء أكثر الناس جبنا وخوفا عند ظهور قوة يخشون بأسها فقد شاهدت إحدى اللجان بالاسكندرية محاطة بشباب قوى متكاتف يحيطون باللجنة من كل جانب وعندما سألتهم عن صفتهم علمت أنهم شباب الحي أتوا لحراسة اللجنة المخصصة للنساء خوفا من عليهن من البلطجية وجنود الأمن المركزي الذين لم يجرؤ أحد منهم على الاقتراب من هذه اللجنة وهكذا ترون أن منع التزوير ليس مستحيلا وإن كان صعبا ويحتاج إلى بعض الجرأة في التصرف وعدم الخوف وقليل من التضحية من أجل حرية إرادتنا ومستقبل أبنائنا
حكي لي زميل قاض كان يرأس إحدى اللجان قال :ذهبت إلى اللجنة ومعي سكرتير اللجنة وعند وصولي شاهدت جنود الأمن المركزي قد أحاطوا بها بحيث يستحيل الوصول إلى داخلها وسألت قائد الحرس ما هذا ؟فقال حراسة فقلت :هذه ليست حراسة بل منع من الدخول ، وكيف استطيع ممارسة عملي في ظل هذا المنع ؟ وكيف سيدخل الناخبون إلى اللجنة ؟ فرد علىّ رئيس الحرس أن هذه أوامر عليا لا أستطيع مخالفتها فطلبت من سكرتير اللجنة والحارس الخاص وضع الصندوق في السيارة وهممت بالانصراف وقلت لقائد الحرس لن أعمل في ظل هذه الظروف فطلب منى مهلة للاتصال بقيادته ثم عاد وقال سأنصرف أنا وجنودي ولكن إذا حدث ما يعكر الأمن فلن تكون مسئوليتي وبعد إنصرافه قام أهالي الحي بتنظيم العمل دون مشاكل حتى انتهى اليوم بسلام
وهكذا ترون أن القضاء على التزوير ليس مستحيلا ويحتاج منا فقط إلى بعض الصبر وعدم الخوف والكفاح في سبيل تحرير إرادتنا وعندما يتم تحرير هذه الإرادة ونكون حقا أحرارا في اختيار من يمثلنا ومن يحكمنا هنا يكون الجدل في جواز تولية المسيحي والمرأة الحكم في مصر أما قبل ذلك فهذا ترف وجدل الخسارة من ورائه أكبر من النفع الذي يمكن أن يجره لنا بل أقو ل أنه ضرر محض لأنه سيظهر من يمانع فى هذه التولية بأنه متحجر لا يواكب العصر، جامد لا يتطور لان هذه الأفكار إذا كانت تصلح لزمن فإنها لا تصلح لهذا الزمن بالإضافة إلا إشاعة الفرقة والخلاف بين أبناء الأمة الواحدة وهم أشد ما يكونون حاجة إلى الاتحاد والوقوف صفا واحدا تجاه عدو لاهم له إلا تفريق وحدتهم ومنع تجمعهم حتى يتمكن من التغلب عليهم والبقاء في منصبه أكبر مدة ممكنة.
أعلم أن هناك رأيا فقهيا يقول أن تولى القوى الفاسق الحكم أجدى وانفع للمسلمين من تولى التقى الضعيف لان الأول قوته للمسلمين وفسقه على نفسه أما الثاني فإن تقواه لنفسه وضعفه يضر المسلمين وإذا كان هذا هو رأى الفقه أفلا يكون من باب أولى تولى المسيحي القوى لأنه سيحافظ على الوطن ويصونه ويكسر شوكة الأعداء يعلى شأن الوطن أما دينه فهو علاقة بينه وبين ربه ، وهل إذا وجدت إمرة مثل السيدة تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا سابقا التي لقبت بالمرأة الحديدية لشدة مواقفها وجرأتها وقدرتها علي معالجة مشاكل بلدها والخروج بها من الأزمات التي قابلتها أفلا تكون هذه المرأة أولي بالحكم في مصر من أي رجل؟أفلا تكون توليتها في مصلحة المسلمين؟ وهل يمكن أن يقف الإسلام في وجه ما فيه مصلحة العباد والبلاد وهذه هي غايته وأحد مقاصده.
أغلقوا إخوتي هذا النقاش سريعا وسدوا منافذ الفرقة والخلاف بينكم لأنها أساس ضعف قوتكم وتعاونوا علي أمر واحد هو تحرير إرادتكم من التزييف وتغيير الحقيقة وبدون ذلك فلا ديمقراطية ولا تقدم ولا رقي .تحرير إرادتنا في اختيار
حكامنا هو الطريق الوحيد الذي يوصلنا إلي أن نضمن مستقبل أولادنا ونحميهم من اليأس والإحباط والضياع والموت غرقا علي سواحل البلاد الأجنبية التي يسعون إليها طمعا في فرصة عمل يئسوا من الحصول عليا في بلدهم الذي ضاق بهم ولفظهم وألقي بهم لقمة سائغة لأسماك البحار الأجنبية والمصرية هؤلاء الأبناء الذين أنفقت مصر عليهم من قوتها وحرمت نفسها من متع الحياة وضرورياتها حتى تراهم رجالا يحملون هموم أمتهم ويمهدون الطريق لمستقبل الأجيال التي تأتي بعدهم وإذا بهم يعودون إليها في نعوش محمولة علي الأعناق بدلا من أن يحملوا هم همومها التي أثقلت كاهلها محرومين حتى من دعاء بالرحمة لأنهم طلاب مال لايستحقون الجنة.

الخميس، يناير ١٠، ٢٠٠٨

تعليق من صديق على رسالة (عدم ضرورة تبنى الاخوان لحزب محدد)

جزاك الله خيرا علي هذا الطرح الطيب والذي أري فيه نصحا مخلصا أسأل الله أن يجد اهتماما.

فربما يشغل هذا الطرح قطاعا بالجماعة من كافة الأعمار ولعل مناسبة طرح اقتراح لبرنامج الحزب هو الذي فتح الباب لطرح الأفكار والتساؤلات ولذلك أري لو نظمت الجماعة عددا من اللقاءات المفتوحة يحضرها من شاء من أفرادها أو من المهتمين والمحبين للإخوان والذين يتمنون إجلاء الأمور ففي النهاية الكل يسعى لأفضل رؤية لا تتعارض مع مبادئ دعوة الإخوان والتي هي مستمدة من فهم الإسلام الصحيح الشامل.

ومن باب التفكير بصوت أقصد بكلمة مكتوبة أطرح عدة تساؤلات أو أفكار:

هل لو تخلي الإخوان عن فكرة حزب وتُرك الأمر لاجتهاد الأفراد هل نتوقع أن يتطوع أحد من أفراد الإخوان لتشكيل حزب؟
هل لو تم تشكيل عدد من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية "وهذا درب من الخيال الآن" فهل يتسبب ذلك في تفتيت الأصوات وتشتيت الجمهور والجهود وخاصة العمل الحزبي يتطلب قاعدة عريضة؟
هل لا يتسبب تعدد الأحزاب الإسلامية إلي إغارة الصدور والاختلاف وتبادل الاتهامات ........الخ وقد يحدث ضياع المودة والحب الذي جمع هذه الجماعة؟
وهل في هذه الحالة الإبقاء علي وحدة الصف أولى حتى ولو لم يجانب الرؤية الصواب ؟ وخاصة نحن غير مؤهلين لذلك فكما تري سيادتكم ردود أفعال البعض منا تجاه آراء الآخرين وهي لا تزال رأي فما بالكم لو تحول الرأي إلي واقع !!!!!...
هل ممكن أن ينضم مسيحي إلي حزب ذو مرجعية إسلامية؟
هل سيتركنا النظام في حالنا لو اقتصر نشاط الجماعة علي الوعظ والتربية والعمل الاجتماعي والدعوى....؟
وهل سيقبلنا النخب والمثقفين وأصحاب الاتجاهات الاخري في حالة الفصل في العمل الحزبي عن الجماعة؟
وهل يمكن أن تتوقعوا انضمام البعض منهم في هذه الحالة؟
هل الأولي طرح هذه الرؤية الآن في ظل مناخ وظروف أمنية تحول بين التقاء القاعدة بالقيادات والحديث بصدر مفتوح؟
هل الأفراد مؤهلين أصلا لاستيعاب فكرة وجود حزب في ظل وجود قيادة حزبية غير قيادة الجماعة؟
لماذا لا نقبل برنامج حزب الإخوان الحالي و المطروح للنقاش فنقاط الاختلاف قليلة وتمثل رؤية وتبني لرأي فقهي معتبر شرعا ويلزم أفراد الجماعة بتبنيه لأنهم بايعوا علي السمع والطاعة؟
وهل لو اختلف أفراد من الجماعة لرؤية الحزب المطروح علي مائدة النقاش يلزم تركهم للجماعة وعمل حزب آخر ؟ أم ممكن أن تسعنا مساحة الاتفاق وهي كبيرة وربما يتغير الأمر فمع الزمن ووفق المستجدات التي تجعلنا نفكر في تبني رأي فقهي آخر طالما الأمر لا يتعارض مع ثوابتنا؟
في مقال لكم نشر من فترة حول برنامج الحزب أذكر أنكم قلتم أننا ملزمون بتبني قرار الجماعة في شأن برنامج الحزب إذا ووفق عليه في الصيغة النهائية أما ما قبل إقرار الرؤية النهائية فلنا أن نطرح أي آراء أخري فهل لازلتم علي هذا الرأي ؟
لماذا الإصرار من قبل الجماعة علي إبداء الرأي في أمور تفصيلية في البرنامج ربما مع تغير الظروف أو من باب عدم فتح جبهات غير مستعدين لها أو تتطلب مناخ سياسي صحي غير متوفر في البلد الآن؟ويسعنا في هذا الظرف الحالي إرجاء الأمر إلي حينه...
هل تتوافر لائحة داخلية تنظم عمل الحزب وتضمن استقلاليته عن الجماعة وحرية الحركة وما هي آليات ذلك ؟وهل لو توافرت فهل يظل الحاجة الي تبني تعددية حزبية ذات مرجعية إسلامية؟
هذه بعض التساؤلات التي جالت في خاطري عندما قرأت مدونتكم ولا أدري ربما غيري تدور في نفسه أسئلة أخري فلعل النقاش يهدي إلي الخير لجماعتنا ودعوتنا
" والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ان الله مع المحسنين"

أري حذف كلمة التقية السياسية أو تعريف ما تقصده منها فالتقية لها مفهوم سلبي لدينا وقد تعني الكذب أو معاني أخري أحسب أنكم لا تقصدوها وحتى لا يفهم الكلام بشكل خطأ واتقاء للتأويل الخطأ أو تصيد الخطاء من قبل من يهمهم تشويه كلامكم.

رسالة من صديق


تحذير عام من مساويء العمل السياسي من خلال الأحزاب
- الأحزاب تتنافس وتتصارع من أجل السلطة ويحارب بعضها البعض ويسعى كل منها لتفشيل الآخر وإحراجه.
- الأحزاب لا تتعاون ولا تتضامن من أجل تحقيق الأهداف، فلا يتم الالتفاف حول فكرة جيدة مطروحة من قبل الحزب الآخر حتى لا تزداد أسهمه
- الأحزاب تعتمد على أعضائها فقط ولا تستعين بأعضاء الأحزاب الأخرى ، وفي هذا إهدار لكفاءات الأمة.
- الالتزام الحزبي يحرم أفراد الحزب عن التعبير عن آرائهم خلاف الرأي السائد داخل الحزب ، الأحزاب تلزم أعضاءها بحزمة من الأفكار والمباديء التي تعتنقها ، بينما لا يلزم أن يتفق الأعضاء على كل هذه الحزمة.
- الأحزاب تولد التعصب وعدم العدالة في التعامل مع الآخر ، وهي تؤيد مرشحها حتى وإن تبين لها أن هناك من هو خير منه في الانتخابات من الأحزاب الأخرى أو المستقلين.
مما سبق يتضح أن خيار ممارسة السياسة من خلال الأحزاب له الكثير من السلبيات التي أفسدت الحياة السياسية ،
وأصابت الحياة السياسية في الكثير من البلاد الغربية والشرقية بالاضطراب والشلل نتيجة هذه الصراعات والموازنات ،
وفي كثير من الأحيان يتم تشكيل حكومة تكنوقراط غير منتمية لحزب بعينه لحل هذه الإشكالية ،
وإنني أدعو لإبتداع نظام آخر للممارسة السياسية بصورة جماعية ، وليس على صورة الحزب الواحد الشمولي

أخيرا ، اعتذر عن بعض الألفاظ الشديدة التي وردت ، والمراد منها التنبيه لأهمية الأمر وعظمه ، وآمل التركيز على الجانب الموضوعي منها ، وعدم التشكك في النوايا أو الأشخاص.
هذه دعوة للحوار حول هذه النقاط ، وأرجو أن لا تذوب الكلمات وتنسى مثل غيرها ، وآمل الحصول على رد ، أو دعوة للمشاركة في حوار موسع أو ورشة عمل.
أخيرا أدعو لجماعة الإخوان بالتوفيق في جميع خطواتها ، علما بأنني اعتبر نفسي واحدا منها، ولذلك كان حق النصيحة عليَ واجب الرسالة تعبر عن رأى صاحبها لا عن رأى صاحب المدونة

عرض وجهات النظرالاخرى أولا


اشكر أحبابى الذين شرفت بتعليقاتهم واستسمحهم أن ينتظروا على ّفى طرح وجة نظرى
حتى الانتهاء من عرض بعض الرسائل التى
وصلتنى من أصدقائى والتى أرى أنها مفيدة وثرية وتحمل رؤية

ابراهيم الزعفرانى

الاثنين، يناير ٠٧، ٢٠٠٨

رسالة من صديق

ضرورة عدم تبني جماعة الإخوان لحزب محدد
وفصل الحزب المقترح عن الجماعة
واتباع سياسة توزيع الأدوار وسياسة المراحل

تمر جماعة الإخوان المسلمين بمرحلة محورية هامة وحساسة في تاريخها المعاصر ، حيث يشتد الجدل عن دور الجماعة السياسي ، والممارسات الديموقراطية داخلها وخارجها ، وعلاقاتها بالآخر،ولأهمية هذه المرحلة يتحتم على كل مخلص ومحب لها أن يهدي لها النصيحة من أجل أن تجتاز هذه المرحلة أشد قوة وتعبيرا عن روح هذه الامة المسلمة وطموحاتها.
وأرجو أن يتسع صدر القاريء للاطلاع على هذه الرؤية ، وأن يتمهل في قراءتها ولا يسابق السطور ، وذلك حتى يعطي الفرصة لعقله وقلبه أن يتفهمها ، وأرجو أن نكون أحرص على سماع الآخرين أكثر من حرصنا على مخاطبتهم، وسأحاول أن أوجز ما استطعت.
جماعة الإخوان المسلمين يجب أن تظل جماعة جامعة غير مذهبية أو حزبية
وصف الإمام حسن البنا جماعة الإخوان بأنها جماعة جامعة ...... ، وعندما أتى الحديث عن الأحزاب رفضها تماما لأنها تمزق الأمة وتفتتها.
هكذا أرادها الإمام جماعة جامعة للمسلمين ، ومن أجل هذا نأى بنفسه وبجماعته عن كل تصرف وفكر يشرذمها ويفتتها ،أويجعلها ممثلة لراي واختيار دون غيره ، فهي جماعة سنية سلفية صوفية ، لا تلتزم بمذهب فقهي محدد فضلا عن تلزم اتباعها برأي فقهي محدد ، يتسع صدرها للجميع لا تتمذهب ولا تتحزب.
وهكذا يجب أن يستمر دور جماعة الإخوان المسلمين ، وأن تكون هي الكيان الذي يتسع لكل المسلمين المخلصين ، بغض النظر عن مذاهبهم الفقهية وأفكارهم السياسية الغير متعارضة مع الثوابت الإسلامية المتفق عليها.

جماعة الإخوان المسلمين والسياسة
يصعب على جماعة الإخوان المسلمين أن تتنازل عن مبادئها أو تخفف من مطالبها ، لأن أساس شعبيتها الرئيسي هو تمسكها في الدعوة للمباديء التي تخاطب الأحاسيس وتحي حلم البطولة وعودة المجد لدى شعوبنا المنهزمة في ذاتها.. ولذلك ارى صعوبة أن تقوم جماعة الإخوان بجميع الأدوار بذاتها ولوحدها، فيكفيها أن تقوم بدورها التربوي والدعوي وأن تكون معملا لتفريخ الرجال الذين يؤمنون بعالمية وشمولية الإسلام ، وهؤلاء الرجال يمكن أن ينطلقوا بعد ذلك لتأسيس أحزاب ومؤسسات للمجتمع المدني لتحقيق هذه الشمولية بصورة مستقلة دون تبعيبة لجماعة الإخوان.. وبهذا الفكر يتم توزيع الأدوار ، بينما تقوم الجماعة بدورها التربوي والدعوي وتتمسك بالمباديء الصريحة وبالفهم الشامل للإسلام ، يتم إعطاء حرية الحركة السياسية لهذه الأحزاب لتتبع سياسة المراحل في حل قضايانا، وممارسة لعبة الدهاء في تحقيق الأهداف (التقية السياسية) ، وهذا الحل من شأنه أيضا حماية الإسلام والدعوة ورجالها من بطش السياسيين والأعداء حيث أنه سيتم إخراج الجماعة من المنافسة والخصومة السياسية.
ومن منطلق هذا الفهم يمكن أن يخرج إلى الوجود عدة أحزاب وليس حزبا واحدا ، لكل برنامجه الخاص ورؤيته ، منها حزب الوسط ، ويجب على الجماعة أن تساند كل من يدعو إلى الصلاح والإصلاح بصدق ، دون تحيز أو التزام بحزب بعينه ، وأن تساند كل فكرة صائبة. وخلاصة القول أرى أن لا يكون هناك حزب معتمد ممثل للإخوان وتابع لها، ولكن حزب مستقل يتبنى الإصلاح من منظور إسلامي ، ويتعاون مع الجميع من أجل الأهداف المشتركة والمصلحة العامة ، ويمكن القول عن برنامج الحزب الذي طوره الإخوان أنه من أجل إعطاء نموذج ومثال عملي اتفق بعض نواب كتلة الإخوان البرلمانية على تأسيس هذا الحزب.
أسباب أخرى تدعو لفصل الحزب عن الجماعة
1- القدرة على استيعاب الآخر المسيحي في العمل الوطني السياسي ، وهذا غير ممكن بالطبع من خلال جماعة الإخوان المسلمين ، فالمسيحي لا يمكن أن يكون عضوا فيها.
2- القدرة على استيعاب الكفاءات الوطنية المميزة سياسيا واقتصاديا واستقطابها داخل حزب الجماعة ، وهذا غير حادث لعدم وجود مؤسسات حزبية ، وقيادات حزبية ، وقواعد للممارسات الحزبية ، وسيطرة القيادة الدعوية على الجماعة والحزب معا قد بؤدي إلى خروج بعض الكفاءات من الجماعة لهذه الإشكالية.
3- إن الفكر السياسي يلزمه ممارسة وتدريب ، من خلال مؤسسات وهيكلية ، يسودها الحرية والانطلاق ، ولا أرى ذلك ممكنا وسط المؤسسات الحالية.
4- اعتماد جميع صور ممارسة الديموقراطية في الحزب، لأنها للأسف مختزلة في داخل الجماعة في صورة انتخابات سرية لاختيار أشخاص لا يتوافر للناخب خلالها المعلومات الكافية عن هؤلاء الأشخاص، ولا يتم الاختيار وفق لأفكار أو برامج يتبناها هؤلاء الأفراد، وهذا الاختيار أيضا غير موجه لوظيفة (دعوة/سياسة/اقتصاد/تربية/اجتماع/...)، أو مهمة محددة (تخطيط/تنفيذ/إدارة/متابعة/..) وديمقراطية المشاركة بالرأي مختزلة في انتخاب المستوى الأعلى ثم إسداء النصيحة فقط والشورى غير ملزمة في كل مجالس الشورى بكل مستوياتها(وجزاك الله خيرا) وتظل الشورى ملزمة في إطار المجالس التنفيذية فقط كل في اختصاصه
5- منح الاستقلالية للقيادة السياسية وحرية الحركة والمناورة
6- الجماعة ذات تنظيم وولاء دولي، بينما الحزب إقليمي، ولا يسمح له بالتحالف الدولي مع تنظيمات أخرى وفق القوانين المصرية.
7- إن الفكر السياسي يقوم على مبدأ التعدد والتنوع ، ولا أرى ذلك ممكنا من خلال بوتقة واحدة فقط ، ويصبح البعض مخيرا بين البقاء في الإخوان وفق فكر محدد بدعوة الالتزام بالجماعة والسمع والطاعة ، وبين الخروج من الإخوان لممارسة رأي آخر لا يتعارض مع الإسلام مع تجمع آخر، إن من شأن ذلك القدح في دعوة الإخوان الإسلامية واتهامها بأنها خاصة تقتصر على أصحاب فكر سياسي محدد وليست دعوة عالمية لجميع المسلمين.
الرسلة تعبير عن رأىصاحبها لاعن رأىصاحب المدونة

الخميس، يناير ٠٣، ٢٠٠٨

رسالة من صديق

الإخوان وتأسيس الحزب والفرصة الأخيرة
يمتلك الإخوان المسلمين الأن فرصة عظيمة في عالم السياسة منحهم إياها المولى عز وجل ,ألا وهي حصولهم علي ثماني وثمانون مقعد في مجلس الشعب المصرى , أي ما يقرب من 20% من مقاعده ,دفعوا فيها ثمنا كبيرا من الجهد والتضحيات والاعتقالات, ولا أظنها سوف تتكرر في الانتخابات المقبلة بعد التعديلات الدستورية الأخيرة الموجهة إليهم , بل قل ربما لن تدوم لهم حتى نهاية الدورة الطبيعية , حيث أنه من المتوقع قيام رئيس الجمهورية بحل مجلس الشعب في غضون أسابيع ,وربما أيام.
تطلع الشعب المصري بأكمله –خاصة المثقفين منهم والمحبين للإخوان كفصيل سياسي محترم من أمثالي- إلي قيادة الإخوان المسلمين , وتوقع الجميع قيامهم بالإعلان عن حزب سياسي لهم طال انتظاره من أمد بعيد.
وأنا أرى أن يسارع الإخوان في مصر بالتقدم بطلب تأسيس حزب سياسي قبل حل مجلس الشعب ,حتي مع الوثوق برفضه وذلك للأسباب التالية:
هذا هو مطلب النخبة والشعب أن يخرج حزب الإخوان إلي النور,بعيدا عن الضبابية في الرؤية ,و الجمبع ينتظر من الإخوان وضوح الرؤية السياسة ,وذلك لن يتم إلا من خلال حزب واضح البرنامج.
سوف تنفتح جماعة الإخوان المسلمين علي الجماعة الوطنية المصرية بهذا الحزب,ولن تصبح هيئة مقفلة علي أعضائها ,بل سيصبح لجميع أفراد الشعب إمكانية الإلتحاق بها, والإنضمام إلي هياكلها الحزبية المنفصلة عن الهياكل الدعوية الإخوانية.
هذا حزب يضم ثماني وثمانون عضوا في مجلس الشعب ,مما يجعله نتاج طبيعي لتمثيل برنامج هذه الكتلة النيابية,التي خاضت الإنتخابات بشعارات صريحة تعلن هويتها,وقد حازت هذه الكتلة ثقة الجماهير والشرعية الشعبية,فيجب سرعة استثمار هذه الشرعية الشعبية الرسمية في مجلس الشعب قبل حله.
هناك فارق كبير جدا بين أن يتقدم أعضاء جماعة محظورة عاديين بطلب تأسيس حزب يكون من السهل رفضه أمام الجهات المحلية والدولية,وبين أن يتقدم ثمان وثمانون نائبا منتخبا رسميا بذلك.
سوف ترد جماعة الإخوان بهذا التصرف علي الإتهامات الموجهة لها أنها تعشق العمل في السر والخفاء ,وتتمسك بكلمة المحظورة,وذلك بأن تخرج إلي العلن ,وستتحول أصابع الإتهام إلي الحكومة التي سوف ترفض الحزب ,كما رفضت وترفض غيره من الأحزاب,وتتحول الكرة إلي ملعبها, ولن يهاجم أحد الإخوان ويتهمهم بالرغبة في العمل السري بعد هذه الخطوة,وسوف تكسب الجماعة تأييد الشارع المصري.
يمكن للإخوان التعامل بمسمي حزب تحت التأسيس خلال فترة صراعهم مع لجنة الأحزاب ,واللجوء للقضاء ,وهذا في حد ذاته مكسب.
الرد علي رفض لجنة الأحزاب المتوقع والاعتراض علي تشكيلها ومهامها:
- الهدف هو إثبات موقف عن طريق التقدم بطلب الحزب ,حيث بذلك لن نتهم بعدم الرغبة في الممارسة السياسية وفق أنظمة الدولة,وليس الهدف من التقدم هو الحصول علي حزب.
- عدم الإعتراف بمؤسسات الدولة لا يعني عدم التعامل معها, ولكن يعني العمل علي تغييرها في أقرب فرصة بالوسائل الرسمية المشروعة وهذه هي قواعد اللعبة السياسية أما مقاطعتها وتحمل الأضرار الناتجة عن هذه المقاطعة فهو ما يتمناه الطرف الأخر منك لتظل الجماعة محصورة في خانة المحظورة.
- إن الجماعة قد وافقت علي التعامل مع مؤسسات الدولة جميعها مع تحفظاتها عليها أو رفضها , فهل امتنعت الجماعة عن حشد المحاميين أمام المحاكم العسكرية للدفاع عن أعضائها لإعتراضها عليها؟ أو هل امتنعت أو سوف تمتنع عن المشاركة في الإنتخابات لغياب الضمانات الديموقراطية ؟؟ إنني أرى أن تتعامل الجماعة مع هذه اللجنة مع اعتراضها عليها وعلي أعضائها,كما تعاملت مع مؤسسات الدولة الأخرى .
الرد علي إعلان مرشد الجماعة رفض التقدم بطلب حزب لهذه اللجنة:
- -يجب أن تتمتع الجماعة بالمرونة السياسية الازمة التي تسمح لها بتغيير مواقفها السياسية (وليس العقائدية) وفق تطور الأحداث ,ويجب أن يرى الناس منهم هذه المرونة,حتى يمكن لهم أن يطمئنوا أن الذي يحكم حركة الإخوان هي رؤية سياسية وليس تمسك بمواقف حفاظا علي الصورة العامة وفقه الرجوع ألى الاصوب والميل للأصلح هو فضيلة يجب أن نتحلى بها.
- الجميع رفض التصريحات الداعية لإعلان حزب لجماعة الإخوان دون التقدم للجنة الأحزاب,لأنها تحدي أخر لمؤسسات الدولة ومحاولة لفرض رأي وأمر واقع يصطدم مع مؤسسات الدولة,والأكثر من ذلك يعط السلطة الذريعة للتنكيل بالجماعة وأفرادها لإصرارهم علي تحدي المشروعية الوطنية,وقد سبق أن بينت ضرورة التعامل مع مؤسسات الدولة الحالية فهذا هو شرط قبول الجماعة في المجتمع المدني,وهو تعاملها وفق مؤسسات وقواعد وقوانين ولوائح البلاد حتى وإن إختلفت معها ,وعليك أن تعمل علي تغييرها بالوسائل الديمقراطية,وليس تحديها والاصطدام بها من موقف ضعف .
- أخيرا, أرجوا أن لا تضيع جماعة الإخوان المسلمين الفرصة الذهبية المتاحة لها حاليا وهو وجود تمثيل برلماني ضخم شرعي ورسمي,ومطلب جماهيري ونخبوي كبير لتأسيس حزب, فيجب عليها أن تتقدم بطلب تأسيس الحزب ,حتي وإن لم ينضج البرنامج السياسي للحزب كما ينبغي بعد.