( ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون )
ان الطمع والانانية وحب الذات من اكثر ما يدمر اخلاقيات المرء كما انه يدمر ترابط الجماعة ويقضى على التحاب بين افرادها .
كما ان الايثار والعطاء والحرص على الاخرين يحفظ على المرء اخلاقه وعلى الجماعة تماسكها وقوتها
مثال من زنزانة 11 الدور الثالث ابو زعبل :
فى عام 1981 فى سجن ابو زعبل فى زنزانة 11 كان عددنا فى البداية 27 شخص وكنت مسئولا عن الزنزانة وبعد اشهر استطعنا ادخال الشاى واكواب البلاستيك الورقيه للزنزانة لنستمتع بعمل الشاى فى ( حلة صغيرة ) ويتحلق الاخوة ويوقوم الاخ بصب ثلث كوب لكل من للجالسين وكنا لا نستحل لانفسنا البدء فى الشرب حتى نطمئن ان جميع الاخوة نالوا نفس الكمية من الشاى فاذا لم تفى هذه الكمية لاعطاء بعض الاخوة في اخر الحلقة تصارع الاخوة ليفرغ كل من نصيبه لاخوانه حتي تتعادل الكميات ونشرب جميعا هذا القدر الضئيل من الشاى فى سعادة وحب .
- وكذلك بالنسبة لدورات المياه خاصة فى صلاة الفجر لم نشعر فى اى لحظة بزحام رغم كثرة عددنا فكان عدد كبير منا يستيقظ قبل الفجر بساعتين او اكثر او اقل لقيام الليل وحتى يمنع الزحام عن دورات المياه قبل صلاة الفجر ويترك هذا التوقيت للمرضى وكبار السن ولم نشعر لحظة بان عدد دورات المياه يسبب لنا مشكلة .
-وكذلك الرابسو كان عندنا منه كميات قليلة فكان عدد كبير من الاخوة يتركون الرابسو لاخوانهم الاكبر سنا و المرضي لغسيل ملابس اما هم فكانوا يستخدمون صابون السجن في غسيل ملابسهم وكان الاصغر سنا منا ياخذ ملابس الاكبر سنا والمرضي خلسة ويقومون بغسلها بدلا منهم ثم يعيدونها اليهم نظيفة .
- ولكن ذلك لم يدم ذلك كثيرا فقد تغير حالة الزنزانة بالكامل بدخول الانانية وحب النفس حيث حضر الي زنزانتنا شخصين ادخلتهما لنا ادارة السجن كانا شديدا النقد للاخوان من اول يوم لاننا علي حد زعمهم نخالف السنة بكثرة المزاح وتلاوة الاذكار الجماعية بصوت مرتفع وغيرها وغيرها .
وحين التعامل فقد وجدنا فيهما نموزج مختلف قلب حال الزنزانة رأسا على عقب.
ان الطمع والانانية وحب الذات من اكثر ما يدمر اخلاقيات المرء كما انه يدمر ترابط الجماعة ويقضى على التحاب بين افرادها .
كما ان الايثار والعطاء والحرص على الاخرين يحفظ على المرء اخلاقه وعلى الجماعة تماسكها وقوتها
مثال من زنزانة 11 الدور الثالث ابو زعبل :
فى عام 1981 فى سجن ابو زعبل فى زنزانة 11 كان عددنا فى البداية 27 شخص وكنت مسئولا عن الزنزانة وبعد اشهر استطعنا ادخال الشاى واكواب البلاستيك الورقيه للزنزانة لنستمتع بعمل الشاى فى ( حلة صغيرة ) ويتحلق الاخوة ويوقوم الاخ بصب ثلث كوب لكل من للجالسين وكنا لا نستحل لانفسنا البدء فى الشرب حتى نطمئن ان جميع الاخوة نالوا نفس الكمية من الشاى فاذا لم تفى هذه الكمية لاعطاء بعض الاخوة في اخر الحلقة تصارع الاخوة ليفرغ كل من نصيبه لاخوانه حتي تتعادل الكميات ونشرب جميعا هذا القدر الضئيل من الشاى فى سعادة وحب .
- وكذلك بالنسبة لدورات المياه خاصة فى صلاة الفجر لم نشعر فى اى لحظة بزحام رغم كثرة عددنا فكان عدد كبير منا يستيقظ قبل الفجر بساعتين او اكثر او اقل لقيام الليل وحتى يمنع الزحام عن دورات المياه قبل صلاة الفجر ويترك هذا التوقيت للمرضى وكبار السن ولم نشعر لحظة بان عدد دورات المياه يسبب لنا مشكلة .
-وكذلك الرابسو كان عندنا منه كميات قليلة فكان عدد كبير من الاخوة يتركون الرابسو لاخوانهم الاكبر سنا و المرضي لغسيل ملابس اما هم فكانوا يستخدمون صابون السجن في غسيل ملابسهم وكان الاصغر سنا منا ياخذ ملابس الاكبر سنا والمرضي خلسة ويقومون بغسلها بدلا منهم ثم يعيدونها اليهم نظيفة .
- ولكن ذلك لم يدم ذلك كثيرا فقد تغير حالة الزنزانة بالكامل بدخول الانانية وحب النفس حيث حضر الي زنزانتنا شخصين ادخلتهما لنا ادارة السجن كانا شديدا النقد للاخوان من اول يوم لاننا علي حد زعمهم نخالف السنة بكثرة المزاح وتلاوة الاذكار الجماعية بصوت مرتفع وغيرها وغيرها .
وحين التعامل فقد وجدنا فيهما نموزج مختلف قلب حال الزنزانة رأسا على عقب.
-بدءا بانهما لا يحبان شرب الشاي الا في اكواب زجاجية وبعد ان احضرا الاكواب الزجاجية حدث تمايزبينهما وبين باقى أفراد الزنزانة بدات القلوب تتغير اضافة الي انهما كانا يسرعا الي المطبخ لياخذا نصيبهما من الشاي قيل الجميع بحجة انهما يحبان شرب الشاي وهو ساخن وشعر باقي الاخوة بالزنزانة بعدم الامان وان هذين الشخصين يبحثان عن انفسهما اولا ولا يبالون بالباقين واصبح الجميع يتزاحمون علي الشاي كل منهم يريد ان ياخذ نصيبه اولا مخافة الا يحصل علي شاي ومع التزاحم علي الشاي تحدث المشاحنات مما اضطرني بعد ان تكرر هذا المشهد ان اقوم بسكب حلة الشاي في دورة المياة واقرر منع شرب الشاي في الزنزانة منعا للتشاجر والخصام الذي نشا عنه الا بعد وضع قواعد تضبط طريقة توزيع الشاي .
-اما عن دورات المياه فكان هذان الشخصان يستيقظان قبل الفجر مباشرة ثم يتقدما الطابور المتظر امام دورات المياة ويدخلان اولا في غير الدور بحجة انهما يريدان الاستحمام لوجود عذر ويستغرق ذلك وقتا غير قصير، مما دفع باقي الاخوة بتمسك كل واحد منهم بدوره دون السماح لاحد بتجاوزه مهما كان عذره . بعد ان كانت روح التسامح هي الاصل في التعامل مما اضطرني الي تعليق جدول علي مدخل دورات المياة كل من يستيقظ عليه ان يسجل فيه اسمه والساعة والدقيقة التي استيقظ فيها حتي يتسني ضبط دور كل فرد في الدخول حيث ينادي من يخرج من دورة المياة علي التالي له في الجدول للدخول دون اي استثناءات .
اما عن الرابسو فلقد اتجه هذان الشخصان لاخذ كمية الرابسو واستعمالها بصورة مبالغ فيها في غسل ملابسهما بحجة انهما يحبان ان تكون ملابسهما اكثر نظافة ، وادي ذلك الي اعتراض من الاخوة في الزنزانة وطالب كل واحد منهم بحقه في الرابسو مما دفعني الي تقسيم اكياس الرابسو الموجودة في قراطيس صغيرة وأصبح لكل شخص حصة اربع قراطيس في الاسبوع .... ومع ذلك قاما هذان الشخصين باخذ كميات اكثر من المخصص لهما دون اذن وبناء علي اعتراض الاخوة اضطررت الي وضع حراسة 24 ساعة علي الرابسو حتي تسلم لكل واحد كميته وتدون ذلك في اوراق خاصة بذلك حتي بلغ الخوف بالاخوه النائمين بجوار الرايسو ان كل من يتحرك في المكان المخصص لتخزينه ليلا كان الاخوة يمسكونه من ساقه حتي ولو لم يكن يقصد ذلك .
هذه الحالة المضحكة المبكية التي تحولت اليها زنزانتنا الوادعة المتحابة المؤثرة بعد ان دخل اليها عدوي الانانية وحب النفس وهرب الايثار الذى الذى يفسح المكان الضيق ويكثر المتاع القليل
مواقف من الايثار فى السجون
يقدم جسده لحماية اخيه
حكى لى بعض الاخوان ان الاخوان فى زمن عبد الناصر كانوا يعذبون تعذيبا شديدا ومن وسائل التعذيب هذه ايقافهم طوابير والجرى طوال اليوم ساعات طويلة . ويحكى انه اثناء وقوف الاخوان صفا واحدا امام احد السجانين وكان يحمل كرباج غليظا فى يده . عطس احد الاخوان فما كان من السجان الا ان اعطى امرا بان يتقدم الشخص الذى عطس هذا خطوة الى الامام ( ومعروف لدى جميع الاخوان ماذا ينتوى ان يفعل ذلك السجان المجرم بالاخ حين سيتقدم وانه سيوسعه بهذا الكرباج ضربا بلا رحمة ودون توقف ) ولكن هذا السجان فوجئ بان الصف كله يتقدم خطوة الى الامام فاصابته الدهشة من درجة الحب والايثار بين الاخوان كل منهم تقدم بلا تردد لينال العلقة الساخنة لحماية باقى اخوانه مع ان الذى عطس واحد فقط فالكبير يقول :(لنفسه حتى ولو مت من الضرب فلقد استمتعت بعمرى وليعش من هو أصغر منى) والصغير فى السن يقول فى نفسه:( انا اقوى على تحمل الضرب من اخى الاكبر سنا او الاضعف بدنا)وأنا أقول ( لو كانت هذه بروفه متفق عليها فى احد الافلام لما جرت مثلما حدثت مع هؤلاء الاخوان الذين حركهم المحبة والايثار ) .
العسل الاسود :
مرض احد الاخوان فى السجن بمرض ( التهاب كبدى ) وحذر عليه تناول الدهون والبروتينيات ولا يتناول الا السكريات ولم يكن فى السجن سكريات الا العسل الاسود يوزع على كل سجين كمية قليلة فى طبق بلاستيك صغير حتى ان الاخوة كانوا يقولون انك اذا قلبت هذا الطبق لا تنسكب كمية العسل لضئالتها . ولكن بعد توزيع العسل على الزنازين بربع ساعة فوجئ الاخوان بصفارة نزول جميع المساجين الى حوش السجن لعقابهم وصاح السجانين وهم يعاقبونهم قائلين ( ياولاد ال ..... ) انتوا بتحبوا بعض لهذا الحد بعد اقل من ربع ساعة وصلت كل اطباق العسل الاسود الى زنزانة اخوكم المريض) وكان ذلك حتى يتمكن هذا الاخ المريض من ان يجد المادة السكرية الكافية لطعامه بالسجن حتى يعافيه الله من مرضه .
التوقف ثم الرجوع على السلم :
حكى لى أ . د محمود عزت انه اثناء وجوده فى السجن زمان عبد الناصر كان الطعام الذى يوزع عليهم قليل جدا واحيانا كان السجانين ينادون علينا اذا تبقى شئ من الطعام بعد التوزيع ( اللى عاوز زيادة ينزل بسرعة ياخذ ) وكنت فى سن مبكرة وقوة بدنية فامسكت يوما بطبق عندما سمعت هذا النداء واسرعت اقفز درجات السلم من الدور العلوى كى اسبق غيرى للحصول على اضافة من الغذاء . وفجاة توقفت فى منتصف السلم وسالت نفسى انت تسرع لتحظى بطعام قبل اخوانك وتستفيد من قوتك وسرعتك لتحرم غيرك من اخوانك من هذه الزيادة واحسست بالم فى ضميرى فقفلت راجعا الى زنزانتى تاركا اخوانى ياخذ وا هذه الزيادات من الطعام ولم افعل ذلك بعدها ابدا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق