وذكر فان الذكري تنفع المؤمنين
لقد عمد النظام الحاكم من بداية عام 1994 علي محاولة القضاء علي وجود الاخوان في مجالس النقابات المهنية بأصدار القانون 100الخاص بالنقابات ثم تعديله ليحكم الخناق على النقابات .
واستخدم مواد هذين القانونين بعد ان جعل دعوة الجمعية العمومية للانعقاد لانتخابات مجالس نقابات جديدة بيد رئيس محكمة استئناف القاهرة الذى رفض دعوة الجمعيات العمومية للنقابات منذ 1995 وحتي الان فتعطلت الانتخابات الا في نقابتين فقط لعلو صوتهما هما نقابة المحامين ونقابة الصحفيين وبذلك اصيب العمل النقابي بالشيخوخة والشلل في اكثر من ثلاثة عشر نقابة مصرية . ولم يكتف النظام المصري بذلك بل قام بفرض الحراسة علي اكبر النقابات المصرية فاعلية وهي نقابة المهندسين واغلقها من يومها في وجوه أعضائها
في أثناء وجودي بالسجن 1995-1998 تم فرض الحراسة علي نقابة أطباء الإسكندرية التي كنت أمينا عاما لها منذ عام 1990 وكان من الطبيعي ان يكون الحارس علي النقابة الفرعية بالاسكندرية هو الاب الشرعي لها وهي النقابة العامة للاطباء ، ولكن إمعاناً في خنق نقابة الاسكندرية التي شُهد لها بالنشاط والحيوية بين النقابات الفرعية في مصر عُين احد المحامين من قوائم الحراسة حارساً علي نقابة الاطباء . علي اثر ذلك أنشئت النقابة العامة للاطباء لجنة ومقر لها بالاسكندرية حتي لا تتوقف الخدمات المقدمة لاطباء الاسكندرية وبعد خروجي من السجن 1998 رأي إخواني في لجنة النقابة العامة بالاسكندرية ان وجودي معهم قد يسبب حساسيات لدي الجهات الامنية مما يدفعها لوضع نادي الاطباء او مقر النقابة تحت الحراسة. ورغم عدم قناعتي بهذا السبب فقد استجبت لهذه الرغبة . ( وعلي الرغم من ذلك فان الجهات الأمنية استولت علي نادي الأطباء والمقر ووضعتها تحت الحراسة مما يوضح ان هذا التخوف لم يكن في محله )..وقد انشغلت بأنشطة دعوية متعددة ودارت الأيام
وبعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية في فلسطين وتكوين الحكومة في شهر مارس 2006 ثم فرض الحصار الدولي عليها ، وفي شهر ابريل وأثناء أدائي لعملي الطبي الصباحي في المركز الطبي بالمنتزة حضرت طبيبة صيدلانية خريجة 2004 مرتدية حجابا ليس لها انتماء لاي تيار ديني اسمها / اميرة كان واضح عليها الخلق والجدية وهي تعرض الدواء التي تقوم بالترويج له حيث تعمل مندوبة تسويق لإحدى الشركات الدوائية.
وبعد أن انتهت د/ اميرة من عرضها سالت عن اسمائنا نحن اطباء الجلدية بالعيادة لتدونها في ورقة معها وحين ذكرت لها اسمي قالت في دهشة ولهفة انت د/ابراهيم الزعفراني قلت لها نعم . قالت أنت بتاع نقابة الأطباء قلت لها نعم قالت انت الدكتور بتاع الاخوان المشهور قلت لها نعم علي الجزء الاول فقط .. قالت الحمد لله انا ابحث عنك منذ ايام وكان ذلك يا دكتور أنا صيدلانية دفعة عام 2004 وخطيبي هندسة دفعة 2004 وقد ذكر اسمك امامي كثيرا وهو يثني عليك وعلي تدينك قلت لها هذا من حسن ظنه قالت لا بجد يا دكتور انت حاجة كبيرة جدا بالنسبة له وبالنسبة لي ايضا بعد ما سمعته من خطيبي . قلت لها اشكركم علي حسن ظنكم بي ،
قالت يا دكتور أنت تعلم إن الدول كلها فرضت حصارا علي الفلسطنيين لتجويعهم ولاسقاط حكومة حماس التي تبنت الخيار الاسلامي والتي ازاحت المفسدين في السلطة السابقة واريد ان اقول لك أنني في كثير من الليالي حين اذهب لانام يأتيني هاجس أن حكومة حماس يمكن ان تسقط وذلك بسبب ارتكابنا لجريمة تركها وحدها دون ان نجمع لها المال لإطعام الشعب الجائع من أطفال وأرامل وأيتام وعاطلين لا يجدون عملا ، فإذا جاءني هذا الكابوس المخيف لا انام ليلتي هذه ويتكرر هذا معي عدة ليالي .
( وكنت في غاية التقدير والاحترام لفتاة في مثل هذا السن ليس حلمها ولا شغلها بخطيبها وفارس احلامها وقضاء الاوقات الرومانسية معه انما يسيطر علي قلبها وعقلها وعواطفها حال اخوانها في فلسطين).
ثم فجاءتني بسؤالين الواحد تلو الاخر وكانهما قذيفتين . واحسست ان الله قد بعث لي ابنتي هذه لتصفعني صفعتين بمنتهي القوة حتى أفيق واستيقظ ولقد ساعدتها فثبت وجهي ولم احاول امالته او تغطيته حتي اتلقي هاتين الصفعتين بكل قوتهما .
كانت الصفعة الاولي حين سالتني قائلة يا دكتور ما هي الخطة التي اعدت لجمع اموال للفلسطينيين حتى لا يجوعوا ويركعوا وتسقط حماس ؟
قلت لها في صراحة ووضوح لا اعرف . (فأحسست أنها قد صدمت من الإجابة )
وكانت الصفعة الثانية حين قالت : ليست هناك خطة تعلمها فما دورك الذي تقوم به أنت شخصيا حتى لا تسقط حماس ؟ قلت لها ليس لي دور محدد أؤديه ( أحسست ساعتها أن هذه الفتاة تتمزق من هول الصدمة وخيبة الامل التي اصابتها جراء اجاباتي التي لم تكن ابدا تتوقعها)
حاولت تلطيف الموقف فقلت لها : يا اميرة يا ابنتي ارجو ان تعطيني فرصة اسبوعين وعند حضورك سوف اجيب علي أسئلتك هذه بكل صدق وصراحة لان هناك امور ستتم خلال هذه الفترة ستجدي فيها ما تقر به عينك .
انصرفت الفتاة من امامي وقد ازدادت الامور لديها غموضا وانا كلي اشفاقا عليها ، تركتني وقد تحركت بداخلي كل كوامن اللوم لنفسي . تركتني وقد اهاجت في نفسي ثورة النشاط والهمة والعزيمة ان افعل شيئا
استاذنت من عملي فور انصرافها وذهبت الي محطة المنتزة فحجزت تذكرة للسفرللقاهرة حيث سافرت ميمماً وجهتي للدكتور / عبد المنعم ابو الفتوح امين عام اتحاد الاطباء العرب . وحين قابلته حكيت له قصة الفتاة د/ اميرة وكنت ابكي وانا احكيها له رغم اني كنت متجلدا متماسكا امام د/ اميرة .
واذا بالابواب تفتح حيث ذكر لي د/ عبد المنعم ان اتحاد الاطباء العرب ( لجنة غوث) الاغاثة والطوارئ اخذت علي عاتقها سد احتياجات وزارة الصحة الفلسطينية وما يحتاجه الفلسطينيون في المجال الطبي من اجهزة وادوية ورواتب اطباء وطواقم طبية وغيرها . وفي حال قيام كل مجال بتولي سد احتياجات المجال المناظر له في فلسطين نكون قد ساهمنا في سد قدر كبير من العجز الذي يمكن ان يحدثه الحصار الظالم .
اما عن مساهمتك انت شخصيا فاهلا وسهلا بك في لجنة (غوث) الاغاثة والطوارئ اتحاد الاطباء العرب فتعالي وتحمل هذا العبء . وعلي الفور
اشتركت مع إخواني الأفاضل في لجنة ( غوث ) الإغاثة والطوارئ لاتحاد الأطباء العرب وبدأت الدعوة لحملة علي مستوي العالمين العربي والإسلامي تحت شعار ( حملة المليار لفك الحصار ) وتم التنسيق بين الهيئات الإسلامية والعربية للوقوف بجانب إخواننا الفلسطينيين فحمدت الله إن جعل لي دورا مع إخواني وحمدت لابنتي / أميرة التي جعلها الله سببا في ذلك الخير الذي ساقه الله إلي
ولعلها شاركت معنا في خدمة هذه الحملة التي تولاها المخلصون من أبناء هذه الأمة متحدين الحصار الدولي الظالم علي المستوي الدولي والذي خضعت له وشاركت فيه حكومات الدول الإسلامية
وصمد الفلسطينيون ولم يفلح التجويع في تركيعهم كما لم يفلح من حاولوا مواجهة رسول صلي الله عليه وسلم ومن معه بذات الأسلوب في قوله تعالي : " هم الذين يقولون لا تنفقوا علي من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يعلمون " سورة المنافقون ، كما فشل هذا الأسلوب ( من قبل في حصار الرسول صلي الله عليه وسلم ومن معه في شعب أبي طالب ثلاث سنوات عجاف حتى أكلوا أوراق الشجر ) في إثناء عزيمة النبي صلي الله عليه وسلم وصحبه عن عقيدتهم ومبادئهم .
فسياسة التجويع لإثناء أصحاب العقائد والمبادئ عن طريقهم هي طريقة فاشلة خسيسة لا يتبناها في مواجهة الآدميين إلا لئيم خسيس لا يعرف للخلق طريقا ولا للإنسانية والمروءة سبيلا .
هناك تعليق واحد:
لقد دمعت عيناي من قصة د/ أميرة .. فالحمد لله أن جعل لنا إخوة في الدين يشعرون بنا رغم ظلم بني جلدتنا فلله الحمد والمنة على نعمة الإسلام
أبو أحمد غزة فلسطين
إرسال تعليق