الجمعة، يونيو ٠١، ٢٠٠٧

خطبة وزواج ابنتى هاجر

خطبة الابنة الثالثة هاجر
بعد الحكم علينا من قبل المحكمة العسكرية في شهر نوفمبر عام 1995 وفي نهاية عام 1996 حدثتني زوجتي إن أكثر أبنائي تأثرا
بغيابي هي ابنتي الثالثة هاجرفهى تبكي أحيانا كثيرة فقلت لزوجتي لابد أن نواجه قدرنا و ندفع ثمن حماية ديننا نحن وأبنائنا، فيمكن
التخفيف من اثر ذلك علي هاجر بان نقدم علي إجراءات خطبتها وزواجها حتى تنشغل جزئيا عني ويتوزع انشغالها بيني وبين خطيبها .
وقالت كيف ؟ قلت لها إن محمد أبن بنت خالي كان قد حدثني قبل السجن بطلب يد هاجر . ولكني طلبت منه الانتظار حتى تكبر لان أمها
لن تتحمل خلو المنزل من بناتها الثلاث مرة واحدة لان أختيها قد عقد زواجهما وهما في طريقهما إلي عش أزواجهن . فحاولي الاتصال بابنة خالي للسؤال عنها وعن محمد فقد تفهم الرسالة وتبدأ الإجراءات .
ومن فضل الله علينا جاءت زوجتي في الزيارة التالية لتقول لي هل تصدق إنني بعد عودتي من الزيارة الماضية اتصلت بي ابنة خالك
في اليوم التالي مباشرة وحدثتني أنها تريد الحضور إلي للحديث في خطبة هاجر لمحمد ولكنها كانت تتردد في كل مرة حيث إن الوقت غير مناسب والدكتور في السجن . ولكن محمد طلب مني أن أحاول الاتصال بك لتحدثي الدكتور في ذلك ونحن لا نطلب إلا موافقة منكم
ومحمد علي استعداد للانتظار للوقت الذي يناسبكم , فرحبت بها ووعدتها بالرد عليها
خطوبة محمد وهاجر داخل السجن.
وبدأت الاتصالات وحددنا موعد أول أيام عيد الفطر المبارك الذي وافق أول شهر يناير عام 1997 حيث فتح السجن أبوابه لأقاربنا
وجاء محمد وأسرته وتمت الخطبة داخل ملعب اسجن ملحق طره الذي اكتظ بالزوار من أهالي المسجونين وقام زوجي ابنتي ياسر وخالد بتوزيع الحلوى والمشروبات علي الإعداد الكبيرة في السجن وشاركنا الإخوة وأهلهم الفرحة والسعادة وفي نفس اليوم كان
الحاج / حسن جودة يعقد قران ابنه داخل السجن أيضا .
وبعد عام من الخطبة وكان مقررا خروجي من السجن بعد انتهاء الثلاث سنوات يوم 21/1/1998 الموافق 23 رمضان

وقد حددنا اليوم الثالث لعيد الفطر المبارك موعدا لعقد زواج ابنتي هاجر وخطيبها محمد ،
اعادة اعتقالى بعد سجن دام ثلاثة سنوات
ولكن حدث بعد الإفراج عني في الموعد المحدد من السجن وذهابي لمبني امن الدولة بالاسكندرية ثم ذهابي إلي المنزل لأتناول طعام الإفطار مع أولادي لأول مرة بعد غياب ثلاث سنوات وكانت فرحة غامرة نزلت بعدها لصلاة العشاء و التراويح وسلم علي أهل المسجد
بفرحة وابتهاج وأكملت جلستي مع أبنائي وبناتي وأزواجهم وتوجهنا للنوم وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل دق جرس الباب لأجد أمين شرطة علي الباب يطلب مني الحضور إلي مبني مباحث امن الدولة فتوجهت معه . وقابلني الضابط المسوؤل واخبرني أن أوامر
جاءته من القاهرة باحتجازي في مقر مباحث امن الدولة لحين قرارا خر . أصررت أن اذهب لتناول السحور مع أولادي خوفا عليهم من صدمة نفسية حين يستيقظون للسحور بعد فرحتهم بعودة أبيهم فيفاجئوا بغيابه ومرة أخري وأخذه إلي حيث كان . وبالفعل عدت الى
البيت و أيقظت أولادي وتناولنا السحور وقد أحسوا أن في الأمر شئ وفاتحتهم بعد السحور بما حدث وكان موقفا مؤلما أن امكث في بيتي تسع ساعات فقط بعد غياب ثلاث سنوات بالسجن ثم أعود إليه مرة أخري ولكن الله قواني وقوي أسرتي وانزل سكينته في قلوبنا
( هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السموات والأرض وكان الله عليما حكيما ).

مكثت اربعة ايام بثلاث ليال في مبني مباحث امن الدولة
عوملت فيها باحترام وكنت اقضي ليلي في القيام ونهاري في النوم وتاتي اسرتي لزيارتي بعد العصر ومعهم طعام الافطار والسحور وفي اليوم الرابع 28 رمضان واثناء وجودهم أبلغنى الضابط المسؤل انه قد صدر قرار وزير الداخلية باعتقالي وترحيلي الي السجن
مرة اخري . وهنا تحدثت زوجتي عن تاجيل عقد زواج هاجر الذي كان مقررا فى اليوم الثالث من أيام عيدالفطر المبارك . ولكني
واجهت الموقف بحزم رزقني الله اياه فقلت لاسرتي لا توخروا عقد الزواج ولا ثانية واحدة وسوف اتقدم بطلب حضور هذه المناسبة من داخل السجن وسوف احضر ان شاء الله فلقد دعوت الله في الليلة الماضية في ليلة القدر 27 رمضان ان يحضرني هذه المناسبة وانا
علي يقين انه سيستجيب . وحاول ضباط الامن الموجودين اقناعي بتاجيل الموعد شهرين خلالها اكون بالخارج فلم اوافق فلا أنا ولا هم يملكون من الامر شيئا . قلت لقد اخترنا هذا الطريق ونحن راضون بدفع ثمنه وانا واسرتي الرابحين ان شاء الله لكني لا احب ان اربط مستقبل اولادي وبناتي واسرتي باوضاعي . فنحن نتعامل مع واقع عرفناه وقبلنا تحديه.
سافرتالى السجن مرة اخرى
وتلقاني اخواني بالترحاب مع
نظرات الاشفاق والعطف بل وزفرات الدموع حتي من ضباط السجن . ولكن الله كان قد قذف في روحي القوة حيث سارعت
بتغييرملابسي وجلست احكي لهم بعد الصلاة قصتي خلال فترة غيابي عنهم اربعة ايام وسادت روح المرح والدعابة هذا اللقاء . وكنت
امازحهم انتم جنائيون تلبسون الملابس الزرقاء اما انا فقد ترقيت الي رتبة معتقل سياسي يلبس الملابس البيضاء حضور عقد زواج ابنتى هاجر

وفى اليوم التالى تقدمت بطلب لحضور حفل عقد زفاف ابنتي هاجر وتم الموافقة وحضرت إلي مبني مباحث امن الدولة بالإسكندرية
يوم عقد الزواج ثالث ايام عيد الفطر المبارك وقبل المغرب طلبني احد ضباط قد قدم من القاهرة لكتابة تقرير عن الزيارة وتكلم معي
باحترام وعرفني بنفسه وبمهمته وقال لي (أنا بقدم التهنئة بزواج ابنتك وأرجو أن يكون وجودك اليوم لحضور فرح وليس لحضور
مؤتمر كما أرجو أن تعلم أن تصرفك خلال هذا الاحتفال هو الذى سيحدد تكرار هذا التعامل مع اخوانك في السجن من عدمه ، أرجو أن أكون أوصلت الرسالة )شكرته و سلمت عليه وانصرفت بصحبة ضابط من امن الدولة بالإسكندرية , دخلت شقتي لأجد المدعوين
رجالا ونساء في انتظاري لعقد الزواج اذكروحضر عقد الزواج الحاج /محمود شكري أ.محمد عبد المنعم , أ/ جمعة أمين مهندس /علي عبد الفتاح ,أ /وجدي غنيم , مهندس/ مدحت الحداد . وكان والدي موجودا وطلب مني ان أكون وكيلا لابنتي حتى تكون
ذكري بتوقيعى علي أوراق زواج ابنتى رغم أني سجين وتم عقد الزواج فى المنزل
.
سيارة زفاف داخلها ضابط أمن دوله
انطلقت مع ابنتي وزوجها يقود السيارة مهندس/ علي عبد الفتاح وبجواره ضابط امن الدولة في زفة خاصة من نوعها ( سيارة
زفاف بصحبة ضابط أمن دوله )حيث كانت قيادت الضابط تتصل به من آن لأخر ليحدد مكانه من الهدف يعني نادى الاطباء
وبعد وصولنا إلي نادي الأطباء استقبلني زملائي الأطباء وأعضاء مجلس نقابة الأطباء وكذلك الزملاء المدعوين الستمائة حسب
الاتفاق مع مباحث امن الدولة فرع الإسكندرية ألا يزيد عددهم عن ستمائة مدعو .
وفي نهاية الحفلة شكرت الحضور رجالا ونساء .
وعدت إلي مبني امن الدولة لاستبدال ملابسي المدني بملابس السجن وسافر عائدا إلي إخواني لأقص لهم في اليوم التالي كل ما حدث
- حتى ابنتي الرابعة استشهاد تعرفت على زوجها فى السجن حبسة1999 وبعد خروجنا تقدم الي لابنتى استشهاد وخطبها وتزوجها .
- واليوم أصبح زوجتى و بناتي وأزواجهن وأبنائي يتذكرون هذه الذكريات بشكر لله واعتزاز أن الله اختارها لهم ثم أعانهم علي
الفوز فيها وهم يتمنون لأي أسرة مؤمنة مجاهدة أن يؤيدها الله بنصره لتجتاز امتحانها بالفوز والسعادة في الدنيا والآخرة .

ليست هناك تعليقات: