الإخوان وتأسيس الحزب والفرصة الأخيرة
يمتلك الإخوان المسلمين الأن فرصة عظيمة في عالم السياسة منحهم إياها المولى عز وجل ,ألا وهي حصولهم علي ثماني وثمانون مقعد في مجلس الشعب المصرى , أي ما يقرب من 20% من مقاعده ,دفعوا فيها ثمنا كبيرا من الجهد والتضحيات والاعتقالات, ولا أظنها سوف تتكرر في الانتخابات المقبلة بعد التعديلات الدستورية الأخيرة الموجهة إليهم , بل قل ربما لن تدوم لهم حتى نهاية الدورة الطبيعية , حيث أنه من المتوقع قيام رئيس الجمهورية بحل مجلس الشعب في غضون أسابيع ,وربما أيام.
تطلع الشعب المصري بأكمله –خاصة المثقفين منهم والمحبين للإخوان كفصيل سياسي محترم من أمثالي- إلي قيادة الإخوان المسلمين , وتوقع الجميع قيامهم بالإعلان عن حزب سياسي لهم طال انتظاره من أمد بعيد.
وأنا أرى أن يسارع الإخوان في مصر بالتقدم بطلب تأسيس حزب سياسي قبل حل مجلس الشعب ,حتي مع الوثوق برفضه وذلك للأسباب التالية:
هذا هو مطلب النخبة والشعب أن يخرج حزب الإخوان إلي النور,بعيدا عن الضبابية في الرؤية ,و الجمبع ينتظر من الإخوان وضوح الرؤية السياسة ,وذلك لن يتم إلا من خلال حزب واضح البرنامج.
سوف تنفتح جماعة الإخوان المسلمين علي الجماعة الوطنية المصرية بهذا الحزب,ولن تصبح هيئة مقفلة علي أعضائها ,بل سيصبح لجميع أفراد الشعب إمكانية الإلتحاق بها, والإنضمام إلي هياكلها الحزبية المنفصلة عن الهياكل الدعوية الإخوانية.
هذا حزب يضم ثماني وثمانون عضوا في مجلس الشعب ,مما يجعله نتاج طبيعي لتمثيل برنامج هذه الكتلة النيابية,التي خاضت الإنتخابات بشعارات صريحة تعلن هويتها,وقد حازت هذه الكتلة ثقة الجماهير والشرعية الشعبية,فيجب سرعة استثمار هذه الشرعية الشعبية الرسمية في مجلس الشعب قبل حله.
هناك فارق كبير جدا بين أن يتقدم أعضاء جماعة محظورة عاديين بطلب تأسيس حزب يكون من السهل رفضه أمام الجهات المحلية والدولية,وبين أن يتقدم ثمان وثمانون نائبا منتخبا رسميا بذلك.
سوف ترد جماعة الإخوان بهذا التصرف علي الإتهامات الموجهة لها أنها تعشق العمل في السر والخفاء ,وتتمسك بكلمة المحظورة,وذلك بأن تخرج إلي العلن ,وستتحول أصابع الإتهام إلي الحكومة التي سوف ترفض الحزب ,كما رفضت وترفض غيره من الأحزاب,وتتحول الكرة إلي ملعبها, ولن يهاجم أحد الإخوان ويتهمهم بالرغبة في العمل السري بعد هذه الخطوة,وسوف تكسب الجماعة تأييد الشارع المصري.
يمكن للإخوان التعامل بمسمي حزب تحت التأسيس خلال فترة صراعهم مع لجنة الأحزاب ,واللجوء للقضاء ,وهذا في حد ذاته مكسب.
الرد علي رفض لجنة الأحزاب المتوقع والاعتراض علي تشكيلها ومهامها:
- الهدف هو إثبات موقف عن طريق التقدم بطلب الحزب ,حيث بذلك لن نتهم بعدم الرغبة في الممارسة السياسية وفق أنظمة الدولة,وليس الهدف من التقدم هو الحصول علي حزب.
- عدم الإعتراف بمؤسسات الدولة لا يعني عدم التعامل معها, ولكن يعني العمل علي تغييرها في أقرب فرصة بالوسائل الرسمية المشروعة وهذه هي قواعد اللعبة السياسية أما مقاطعتها وتحمل الأضرار الناتجة عن هذه المقاطعة فهو ما يتمناه الطرف الأخر منك لتظل الجماعة محصورة في خانة المحظورة.
- إن الجماعة قد وافقت علي التعامل مع مؤسسات الدولة جميعها مع تحفظاتها عليها أو رفضها , فهل امتنعت الجماعة عن حشد المحاميين أمام المحاكم العسكرية للدفاع عن أعضائها لإعتراضها عليها؟ أو هل امتنعت أو سوف تمتنع عن المشاركة في الإنتخابات لغياب الضمانات الديموقراطية ؟؟ إنني أرى أن تتعامل الجماعة مع هذه اللجنة مع اعتراضها عليها وعلي أعضائها,كما تعاملت مع مؤسسات الدولة الأخرى .
الرد علي إعلان مرشد الجماعة رفض التقدم بطلب حزب لهذه اللجنة:
- -يجب أن تتمتع الجماعة بالمرونة السياسية الازمة التي تسمح لها بتغيير مواقفها السياسية (وليس العقائدية) وفق تطور الأحداث ,ويجب أن يرى الناس منهم هذه المرونة,حتى يمكن لهم أن يطمئنوا أن الذي يحكم حركة الإخوان هي رؤية سياسية وليس تمسك بمواقف حفاظا علي الصورة العامة وفقه الرجوع ألى الاصوب والميل للأصلح هو فضيلة يجب أن نتحلى بها.
- الجميع رفض التصريحات الداعية لإعلان حزب لجماعة الإخوان دون التقدم للجنة الأحزاب,لأنها تحدي أخر لمؤسسات الدولة ومحاولة لفرض رأي وأمر واقع يصطدم مع مؤسسات الدولة,والأكثر من ذلك يعط السلطة الذريعة للتنكيل بالجماعة وأفرادها لإصرارهم علي تحدي المشروعية الوطنية,وقد سبق أن بينت ضرورة التعامل مع مؤسسات الدولة الحالية فهذا هو شرط قبول الجماعة في المجتمع المدني,وهو تعاملها وفق مؤسسات وقواعد وقوانين ولوائح البلاد حتى وإن إختلفت معها ,وعليك أن تعمل علي تغييرها بالوسائل الديمقراطية,وليس تحديها والاصطدام بها من موقف ضعف .
- أخيرا, أرجوا أن لا تضيع جماعة الإخوان المسلمين الفرصة الذهبية المتاحة لها حاليا وهو وجود تمثيل برلماني ضخم شرعي ورسمي,ومطلب جماهيري ونخبوي كبير لتأسيس حزب, فيجب عليها أن تتقدم بطلب تأسيس الحزب ,حتي وإن لم ينضج البرنامج السياسي للحزب كما ينبغي بعد.