عصام العريان والعمل العام
اسمحوا لي ان اختار من الكوكبة الاخوانية احد أفرادها كنموذج للعمل العام والانفتاح علي المجتمع من قمته
د.عصام العريان يمثل نموذج لرجل العمل العام الذي يستطيع التواصل مع الناس وكسب صداقتهم واحترامهم .فهو يتحرك حركة تلقائية من خلال شخصيته المنفتحة علي الأخر.فلقد تعود علي أن يتتبع أخبار المؤتمرات العامة والندوات و المحافل والمؤسسات والمراكز البحثية والجامعات ويحرص علي حضورها
–له أجندة تليفونات تحوي الكثير من أصدقائه ومعارفه من رجال العمل العام والمثقفين والإعلاميين وأصحاب الأقلام والرأي يحرص علي مجاملتهم من المناسبات العامة والخاصة
.فضلا عن مبادراته في الكتابة بقلمه والرد علي ما ينشر من أراء له فيها وجهة نظر والاتصال لشكر من أحسن في عمل أو مقال كل هذا جعل منه النموذج المحتذي للانفتاح علي المجتمع.
ذكر لى انه سافر إلي لندن في أوائل التسعينيات لحضور احدي المؤتمرات بالخارج وأثناء وجوده هناك لم يغب عنه أن يقوم من تلقاء نفسه بزيارة للقسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية للتعارف علي العاملين به وتقديم هدايا رمزية لهم مما اوجد صداقة ومعرفة
- وقد ظهرت أبعاد علاقات د/عصام واضحة أثناء جلسات المحكمة العسكرية الأولي 1995حيث كانت العشرات من وسائل الإعلام والإعلاميين يتقاطرون علي الأقفاص عند وصولنا كلهم يسال أين د/عصام العريان حتى الأجنبية منها وكان يعرف معظم أسمائهم فأضاف د/عصام بعلاقاته وملكاته للزخم الإعلامي الذي كانت تحظي به القضية بوصفها قضية للإخوان الذين هم محط الأنظار للكافة وبوصفها أول محكمة عسكرية للإخوان منذ عهد عبد الناصر .
- حاولت أن أتعلم من د/عصام بعض الدروس في العمل العام اثري بها دوري الدعوي فهذه العلاقات تحتاج إلي يقظة وتواصل و جراءة (وهي هنا بمعني عدم الخجل من البدء بالتعرف علي الغير)وحافظة جيدة للأسماء ومعرفة الشخصيات وتاريخها ومواقعها وطبائعها الإلمام بالمناسبات والأماكن التي يمكن التواصل فيها
- كنت أري من التواضع ألا احمل كارت باسمي ومكانتي العلمية او العامة ولكني رايتها ضرورية في التعرف إلي الآخرين حيث يمكنك إذا أردت أن تتعرف علي احد وتحتفظ بمعلوماته أن تتقدم له إثناء الحديث (بكارتك الخاص) قائلا يشرفني التعرف بك والتواصل معك , وتتبعها بقولك يشرفني ان احتفظ بكارتك (أو شئ من هذا القبيل) حتى أن مجرد إعطائه كارتك الخاص هو وحدة لغة تدفعه دون طلب إلي إخراج كارته الخاص او الاعتذار عن انه لا يحمل كارته ولكن يمكن كتابة معلوماته في ورقة
الاهتمام بهذه المعلومات والاحتفاظ بها كثروة للتواصل.
- وهنا اقص تجربتي لاقتحام هذا المجال
فبعد ان خرجت من السجن ابريل 1998 وكان د/عبدالمنعم ابو الفتوح ود/عصام العريان يسكنان معي في زنزانة واحدة طوال السنوات الثلاث وخرجت قبل خروجهما بعامين .وكنا نتابع أخبار العمل العام والندوات والمؤتمرات عن طريق الصحف والمجلات وبعد خروجي بشهر بعثا إلي بخطاب يخبراني فيه أن هناك مؤتمر في فندق هيلتون التحرير بالقاهرة المؤتمر القومي العربي ) لمدة ثلاثة أيام ولأول مرة تسمح له السلطات المصرية بالانعقاد بالقاهرة منذ عشرة سنوات .
وطلبوا منى أن أجرب نفسي وما تعلمته منهما فى حضور هذا المؤتمر، ولم اكذب خبر كما يقولون أخذت شنطة سفري وسافرت من الصباح الباكر من الإسكندرية إلى القاهرة وتوجهت مباشرة الى الفندق وسالت عن مكان المؤتمر وصعدت إلى الدور الثاني . قابلني في استقبال المؤتمر شاب وشابة لبنانيان حاولت إفهامهم برغبتي حضور المؤتمر . ولكنهما اعتذرا لى بان هذا المؤتمر ليس عاما ولكنه للأعضاء فقط ومن يتم دعوتهم من الضيوف، ورغم ذلك زاد إصراري علي ألا ارسب في هذا الامتحان .
جلست في استقبال الفندق وتصفحت أجندة تليفوناتي .فوجدت رقم تليفون أخي العزيز الأستاذ/حمدين صباحي .فقمت بالاتصال به وكان لم يغادر منزله بعد وأخبرته بما حدث من منعي من دخول المؤتمر فأبدي استيائه مما حدث وطلب مني الانتظار حتى يحضر وحضر بالفعل بعد وقت قصير وسلم علي بحرارة حيث كانت أول مرة أقابله بعد خروجي من السجن وامسك بيدي وتوجه إلي مسئولي استقبال
استأذنت صديقي /حمدين في ان يعطيني ملفه الخاص به حيث بإمكانه الحصول علي غيره فقدمه إلي مشكورا (ولم تكن هذه عادتي (حيث كنت اخجل من أن اطلب شئ لم يعط لي
تصفحته سريعا وكان تقريرا ثريا بالمعلومات والأرقام والتحليلات ولازلت احتفظ به في بيتي .
-كان اليوم الأول للمؤتمر جماعيا في قاعة واحدة تلقي فيها الكلمات والتعليقات العامة علي التقرير وكانت هناك وقت للاستراحات بين الفقرات –وكانت هذه الاوقات هي فرصتي في التعرف إلي الحضور وأثناء وقوفهم في مجموعات يتحادثون وهم يتناولون المشروبات
وكنت أتلقي منهم كلمات المجامله وهم يقولون:(هذا واجبنا وهذا اقل القليل مما كان يجب أن نفعله) طالبين مني إيصال تحياتهم وسلامتهم لإخواني جميعا في السجن كما كان يخص بعضهم إيصال السلام إلي الأسماء التي يعرفونها من إخواني ثم أعاجل بإخراج
في اليوم التالي تم توزيع الأعضاء إلي مجموعات (ورش نقاش) واخترت ورشة بعنوان (الصراع العربي الإسرائيلي) وكان يرأسها اللواء /طلعت مسلم ودار النقاش بين الحضور وخلاله شن بعضهم هجوما شديدا علي الأستاذ/هاني الحسن(أحد قيدى منظمة فتح الفلسطينيه) حيث وصفوه ضمن مجموعة أنهم عرابوا المشروع الصهيوني .
كنت في هذه اللحظة منشغلا بفكرة قفزت إلي راسي وهي أن الأستاذ المرشد وقتها أ/مصطفي مشهور (رحمه الله)بإمكانه أن يستضيف هذا المؤتمر ( القومي الناصري) علي غذاء بذات الفندق وبهذا نحقق عدة أهداف
-التقارب مع هذا التيار حيث أننا نتلاقى معه في نقاط كثيرة والذي لازال يملك آلة إعلامية جيدة علي امتداد الوطن العربي خاصة
فقمت من الورشة علي الفور واتصلت بأخي الأستاذ/صلاح عبد المقصود الذي حضر جزء من المؤتمر وشرحت له الفكرة فأيدها بشدة واتفقنا أن يلحق بي إلي مقر الأستاذ المرشد بالروضة يعضضني في عرض الفكرة .
وحين وصلت طلب مني الأستاذ /مصطفي الانتظار حتى حضر أستاذ /مأمون الهضيبي (رحمهما الله) وكان الأستاذ/مأمون يحمل الملف السياسي للاخوان وقتها .
حين عرضت الفكرة لم تلقي موافقة من الأستاذ/مأمون حيث ناقشني قائلا:(أنه يظن أن هذه القيادات الناصرية والقومية لازالت تحمل عداء للاخوان واخاف أن تواجه دعوتنا لهم على الغذاء بالرفض أو يمثل إحراجا) عرضت علي سيادته أن أقوم أنا بعرض هذا الأمر عليهم شفويا وفي حالة القبول أقوم بالاتصال بسيادتكم لتوجيه الدعوة كتابة ولم افلح في إقناع الأستاذ/مأمون
ولكني كنت راضي إلي حد جيد عن أدائي خلال هذا المؤتمر .
( ومن خلال هذه التجربة أري أن الإنسان المتدين عليه أن يتمتع ببعض صفات وخبرات تجعله ينجح في الاتصال والتعامل مع الأخر).
هناك تعليق واحد:
كنت اتوقع من الاخوان الانفتاح و لكن لهذه الدرجة مع اعدى اعدائهم فهذا يعتبر من انواع التجرد الغير معتاد
إرسال تعليق