الأربعاء، أغسطس ١٥، ٢٠٠٧

الحياة داخل سجن مزرعة طرة



بعد الحكم علينا اصبحنا امام امر واقع أستقر فى انفسنا ونفوس أهلينا مما أحدث حالة من الاستقرار وولد فى نفوسنا العزيمة والستعداد تقضاء هذة المدة أذا أراد اللة لنا البقاء وقسمنا أنفسنا عتى 6 زنازين مساحة الزنزانة الواحدة 20فى 6 متر عنبر 3 وقمنا بأصلاح سقف العنبر ووضع خزان مياة فوقة وموتور لرفع الماء الية واصلاح دورات المياة الثلاثة بكل زنزانة وكذالك مكان
اعداد الطعام ووضع بلاط لارضية الزنازين كل ذلك على حسابنا الخاص مما كلفنا الكثير من المال والجهد وقمنا داخل الزنازين بعمل قواطع عليها ستائر خضراء لتحديد مكان خاص لكل منا ليضم سريرة وملابسة ومكتبة الذى اشتراة أيضا من مالة الخاص وكانت
الاسرة والمكاتب وغيرها من المستلزمات الخشبية تقوم بصناعتها ورشة نجارة يمتلكها ويعمل بهاداخل السجن المجعة التى رجعت عن فكر شكرى مصطفى وذلك بتسهيلات قدمها لهم اللواء عبد الرؤوف خيرت ...وكان من القلة العقلانية غيرالدموية دخل جهاز الامن...ليتعايشوا بها هم واسرهم وبدأنا نمارس حياتنا العادية داخل السجن ونظمنا أنتخابات دورية داخل السجن تتم كل ستة اشهر يتم فيها انتخاب ثلاثة من الاخوة يمثلون قيادة للمجموعة يتناوبون المسؤلية كل واحد منهم شهرين ويقوم هؤلاء الثلاثة بتعيين مسؤل
ثقافى وأخر للخدمات وأخر مسؤل عن العلاقة مع ادارة السجن مهمة المسؤل الثقافى تعيين لجنة ثقافية تتولى وضع البرنامج العام منى خطب الجمعة والندوات العامة وغيرها هذافضلا على أن لكل منا برنامجة الثقافى الخاص بة الذى يحددة لنفسة منحفظ قرآن
وقراءات دينية وكتب دراسية وجرائد يومية ومجلات ويقوم مسؤل الخدمات بتوزيع جميع الاخوةعلى مجموعات للخدمة وتحديد جدول
زمنى لهذة المجموعات وتحديد مهامها مناعداد الطعام وتوزيعة على الاخوة ومن نظافة للعمبر واعداد وتنظيف مكان الزيارة وغيرها ومسؤلالعلاقة مع ادارة السجن يقوم بتنظيم الزيارات واوقات الفسحة وشراء الاحتياجات من مقصف السجن وحل المشاكل التى قد
تحدث وغيرها عشنا ما يقرب من شهرين في مزرعة طره رغم الخدمة الصحية السيئة لمستشفي السجن تحول إلى سكن لكبار المحبوسين من رجال الأعمال والضباط والإداريين بالدولة
ولم يبق سوي حجرة للكشف لا ينتظم فيها الطبيب المقيم صاحب الإمكانيات الطبية المتواضعة وحجرة أسنان متهالكة من حيث مبناها
وكذلك الآلات التي علاها الصدأ وجهاز التعقيم المعطل دائما وكانت هذه إحدى مشاكلنا الكبرى
كذلك انقطاع الدائم للمياه خاصه في الصيف . فالماء يأتى مرتين فقط في اليوم ولمدة لا تتجاوز ساعتين في كل مرة .مما كان يدفعنا لعمل خزان مياه علوي والاستعانة في كثير من الأحيان بطلب سيارة مطافي محملة بالمياه تدخل السجن ويتزاحم المساجين بأوعيتهم لملاها مما كان يجهدنا كثيرا
تحملنا هذا في مقابل ميزات سعة المكان وتوافر أماكن لشراء احتياجاتنا
والسهولة النسبية في الزيارة ووقتها والمعاملة المناسبة التي كنا نتعامل بها من قبل القائمين علي السجن و فجأة وبدون مقدمات حضر إلينا بعد صلاة العصر و أثناء تناولنا لطعام الغذاء ضابط السجن يقول قد صدرت أوامر بنقلكن جميعا منة هنا إلى سجن ملحق مزرعة طره .وعليكم جمع كل متعلقاتكم لان سيارات الشرطة سوف تأتى لنقلكم بعد ساعة من الآن . أخذتنا الحيرة والارتباك كيف لنا أن نجمع هذه السرائر والكنب والكتب والملابس والمواد الغذائية في هذا الزمن الضيق (حاولنا عبثا التفاهم مع الإدارة لإلغاء القرار أو في تاجيلة فلم نفلح في ذلك لان هذه أوامر عليا )
وكانت ليلة عصيبة ظللنا خلالها طوال الليل حتي الفجر نحزم متعلقاتنا في ملايات السرائر والشوالات ونحمل السرائر ؟ في سيارات الشرطة للترحيلات وكانت الليلة مظلمة والسيارات ليس بها إضاءة وما أن أتى الفجر إلا وكل متعلقاتنا مكومة في ساحة السجن الجديد ونحن منهكين من العمل طوال الليل حتي آذان الفجر وما أن صلينا الفجر حتي ارتمينا نياما علي الأرض حتي قرب الظهر من شدة الإرهاق والتعب
سجن ملحق مزرعة طره
وهو سجن صغير عبارة عن عنبر واحد مكون من طابقين لكل طابق عشرة زنازين لا تسع الزنزانة الواحدة اكثر من ثلاثة افراد مساحتها 3 X 2 متر متضمنة مساحة دورة المياه , هذا السجن قد بنته مراكز القوى الناصرية لسجن الرئيس السادات ومن معه بعد القبض عليه ولكن الرئيس أنور السادات تغذى بهم قبل أن يتعشوا به وقام بالقبض عليه ووضعهم فى هذا السجن فيماعرف بثورة التصحيح 15 مايو 1971
فكان سجنا نظيفا ولكنه ضيق لا يتسع لعددنا الكبير هذا . ولا تتسع أى غرفة للأسرة التى معنا والمكاتب والمكتبات . فادخلنا ما يمكن إدخاله إلى الزنازين وفرعنا أنفسنا كل ثلاث فى غرفة وبدانا نمارس حياتنا داخل السجن من إدارية وثقافية و خدمية . ولم يكن بالسجن غيرنا من المسجونين كان هذا المكان عزلة للإخوان على باقى المساجين الذين تعاملنا معهم فى سجن المزرعة فكنا نقوم بالكشف الطبى عليهم حيث كان من بيننا خمسة عشر طبيبا متخصصا واستشاريا فى معظم التخصصات وكنا نعطيهم الدواء مجانا . كما كان فريق الخدمة يوميا يعد كمية كبيرة من السندوتشات لاعطائها لفقراء المساجين .
فصار المساجين فى مزرعة طرة يثقون على ( الإخوان المسلمون ) ويحبوننا ويدافعون عنا ويحترموننا لمكانتنا الاجتماعية و أخلاقنا فى المعاملة وينقلون لأهاليهم ذلك فى الزيارات ( وفى تقديرى الخاص ان هذا من اقوى الأسباب التى أدت إلى قرار نقلنا من سجن
مزرعة طره إلى سجن الملحق .
الهجوم التترى علينا بعد أيام
بعد أيام من انتقالنا إلى سجن الملحق علمنا بوفاة الأستاذ / محمد حامد أبو النصر رحمه الله المرشد العام للإخوان المسلمون كما علمنا أن الأستاذ / محمد المأمون الهضيبى اخذ بيعه على المقابر من المشيعين من الإخوان للأستاذ / مصطفى مشهور أن يكون مرشدا عاما للإخوان خلفا للأستاذ / محمد حامد ابو النصر مما أغاظ النظام بشدة . فى صبيحة اليوم التالى فوجئنا بعد صلاة الفجر وقبل طلوع الشمس بالسجن وقد امتلا بالضباط من كافة الرتب وعدد كبير من جنود الأمن المركزى يحملون العصى والدروع وهم يصرخون صرخاتهم المعتادة وأصوات الكلاب البوليسية تملا الجو .
أحسسنا بان خطر ما قد وقع وان علينا مواجهته بالشجاعة والصبر .
فتحوا الزنازين أخرجونا إلى ساحة العنبر (ويبدو أن الأوامر كانت عندهم بالا يتعرضوا لأشخاصنا بضرب أو إهانة وهذا ما حدث)
ودخل جنود الأمن المركزي وتراصوا بالعشرات بعصيهم ودروعهم داخل مساحة العنبر الصغيرة .وقام جنود آخرون تحت إشراف الضباط بالدخول إلى الزنازين يعيثون بها بالكامل يفرغون الملابس علي المأكولات علي زجاجات الزيت والماء ويدوسون بإقدامهم ويأخذون كل ملابس ملكي أو ملابس غالية الثمن ويخربون بها ومن بينها عباءة للشيخ/علي متولي كان ثمنها ما يقرب من الألف جنية مصري أخذت وحرقت مع جميع ما اخذوا من ملابسنا كذلك حرقت السرائر والمكتبات ؟ في ساحة السجن.
وكانت زنزانتي التي اسكن بها مع د/عبد المنعم أبو الفتوح ود/عصام العريان هي الحجرة الأولى المسكونة قاومنا أن تؤخذ أي ملابس من زنزانتنا وكنا نأخذها من يد العساكر وكذلك بعض ما في أيدى العساكر من ملابس فاخرة لإخواننا في زنازين أخرى وكان كبير
الضباط المشرفين علي هذه الحملة يتساهل معنا لما رأى إصرارنا علي ذلك ويقول للعسكري ماشي سيبها لهم (وهذا ما أكد لنا أن الأوامر عندهم هي عدم إيذائنا )
وما أن انتهت الحملة ورحلت .حتى عدنا إلى زنازيننا لنشاهد الخراب الذي لحق بها فالملبس خاصة الداخلية لا نستطيع تمييزها عن بعضها فضلا عن ما اختلطت به من طعام وزيت وعسل اسود وحلاوة طحينية و أثار أحذية العسكر , ظللنا باقى اليوم نفرز فى الملابس ونغسل ما يمكن غسله وننظف الأرض والبطاطين حتى نتمكن من النوم عليها قبل أن يأتى موعد غلق أبواب الزنازين .
ولما عرفنا انه ما فعل بنا فى السجن هو رسالة لإخواننا بالخارج على مبايعة الإخوان للأستاذ / مصطفى مشهور اذهب ذلك ما كان فى نفوسنا من الم وغيظ على قاعدة ( كله فى حبك يهون ) وبعثنا لإخواننا بالخارج نطمئنهم على قدرتنا بأذن الله على تحمل أضعاف أضعاف ما حدث إذا كان ذلك فى سبيل الله ثم فى سبيل دعوتنا واستمرار مسيرتها وتنظيم صفها وما كادت تمضى ايام حتى عادت حياتنا
فى السجن إلى طبيعتها وبدانا نستكمل احتياجاتنا عبر زيارات أسرنا ونحسن المكان ونزينه ونهيئه لمعيشة راضية فى سبيل الله كما
عاودنا أنشطتنا الثقافية من محاضرات متخصصة وندوات وخواطر بين الصلوات ورياضة صباحية ونقاشات
ولقد امتازت هذه الحبسة بعدة مميزات
الأولى : أن المحبوسين كلهم من الإخوان المسلمين التى تجمعهم جماعة واحدة وإطار فكرى واحد ونشاطات متشابهة أو متكاملة أو متناسقة وتعارف أكثرنا قبل السجن
الثانية : ان هذه الحبسة كثر فيها القيادات الاخوانية على مختلف المستويات الإدارية
الثالثة : التنوع الفكرى الذى حملته هذه المجموعة داخل الإطار الفكرى العام للجماعة مما اثرى هذه الحبسة بحوارات ونقاشات ساخنة أحيانا كل ذلك فى ظل الحب والثقة والاحترام المتبادل
(وسوف استكمل (حياة وأحداث ) داخل السجن في حلقات قادمة)

ليست هناك تعليقات: